الاعتراض على نفي الجواز، فإن ما اعترض به يُعرف من باب المفعول به، وإنما يتمكن الاعتراض بما يخالف ما كر مما يختص بالحال، وقد ذكروا أن الحال إذا كان جملة قد تقدمه الواو فلا يجوز تقديمه، فلا تقول: وهو نائم جئته؛ لأن الواو هنا أصلها العاطفة، فلا تقع إلا حيث تقع العاطفة، والعاطفة لا تقع صدر الكلام. ويعتذر عنه بأن الواو لها نظير تقدم، وهو واو المفعول معه، والمفعول معه قد تقدم أنه لا يتقدم فكذلك لا يتقدم هنا الحال المصدر بالواو. والله أعلم.

وأعلم أن هنا مسألتين: إحداهما: أن ما ذكره من جواز التقديم على العامل هو مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى أنه لا يجوز تقديم الحال على العامل فيه مع الاسم الظاهر، فلا يقال عندهم: راكبًا جاء زيد، ويجوز مع الاسم المضمر، نحو: راكبًا جئت، بناء منهم على أنه لا يجوز تقديم المضمر على المظهر، وأنت لو قلت: راكبًا جاء زيد كان في (راكبًا) ضمير زيد، وقد تقدم عليه. والصحيح الجواز، ولا يمتنع تقديم المضمر على المظهر إ ذا كان المضمر مؤخرًا في الرتبة على المظهر، كمل قال زهير:

إن تلق يومًا على علاته هرما ... تلق السماحة منه والندى خلقا

ومن أمثالهم: في بيته يؤتى الحكم، وفي أكفانه يلف الميت، وقد تقدم بيان هذا، وأيضًا فإذا كان العامل متصرفًا في نفسه وجب أن يكون متصرفًا في معموله مل لم يمنع مانع، ولا مانع هنا، فوجب الحكم بالجواز. وإلى هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015