والثاني: أن يتخصص صاحب الحال النكرة بوجهٍ من وجوه التخصيص، وذلك قوله: "أو يخصص" ومثاله قولك: مررت برجلٍ قائمٍ مستلقيًا، وجاءني أخٌ كريمٌ ضاحكًا، ومنه قول الله تعالى: {فيها يفرق كل أمرٍ حكيمٍ أمرًا من عندنا}. فهذا من التخصيص بالوصف، وقد يتخصص بالإضافة كقولك: مررت بغلام امرأةٍ فارسًا، وفي القرآن الكريم {وقدر فيها أقواتها في أربعة أيامٍ سواءً للسائلين}، وقال: {وحشرنا عليهم كل شيءٍ قبلًا} على قراءة غير نافعٍ وابن عامر، هو جمع قبيلٍ، أي: قبيلًا قبيلًا، وصنفًا صنفًا، وإنما ساغ هنا الحال من النكرة المخصصة كما ساغ الابتداء بالنكرة إذا خصصت؛ لأنها بذلك تقرب من المعرفة فعوملت معاملة المعرفة في صحة نصب الحال عنها.
والثالث: أن يكون صاحب الحال واقعًا بعد نفي أو شبهة، وذلك قوله: "أو يبن من بعد نفي أو مضاهية". فمعنى يبن: يظهر، أي ما لم يظهر بعد كذا أو كذا. والمضاهي: معناه المشاكل والمشابه، فأما النفي الصريح، فنحو: ما سافر أحد ضاحكًا، ولا أتى أحدٌ راكبًا، وفي القرآن الكريم {وما أهلكنا من قريةٍ إلا ولها كتابٌ معلوم} فقوله: {ولها كتابٌ معلومٌ} جملة حالية مصدرة بواو الحال، وكذلك: {وما أهلكنا من قريةٍ إلا لها منذرون} بغير واوٍ جملة حالية أيضًا. وأما المضاهي للنفي فالنهي والاستفهام، فالنهي قد مثله بقوله: