والجمود ما مثل به سيبويه من قوله: هذا خاتمك حديدًا، وهذه جبتك خزًا. ووجه عدم التزام هذين الوصفين أن الحال خبرٌ من الأخبار، والأخبار لا يشترط فيها اشتقاق ولا انتقال باتفاق، فكذلك ينبغي أن يكون ما في معنى الخبر. وقد يسمي الحال خبرًا سيبويه في بعض المواضع اعتبارًا بأن ذلك معناه. وكأن الناظم نبه هنا على مسألتين: إحداهما: أن المستقر في كلام العرب من وصف الاشتقاق والانتقال أنه يغلب ولا يلزم. فقوله: "وكونه منتقلًا مشتقًا يغلب" بيان أن كلام العرب هكذا، ولا يريد أنه شرط للنحويين شرطوه غالبًا؛ لأن هذا لا معنى له، وإنما كان يكون شرطًا للنحويين لو قال مثلًا: "والأحسن أو والأولى كونه منتقلًا مشتقًا" أو يقول: "ويضعف في القياس كونه غير مشتق أو غير منتقل" أو ما أشبه ذلك. وعلى هذا يجري في كلامه كل ما كان نحوه كقوله: "وغالبًا ذا التا لزم"، وقوله: "غالبًا جا ذا البدل"، "وشارع نحو خاف ربه عمر"، وما كان مثل ذلك. وينبني على ذلك المسألة الثانية، وهي: أن شرطي الانتقال والاشتقاق عنده غير مشترطين بل يجوز عنده أن يأتي الحال جامدًا ولازمًا؛ إذ لم يستحق كونه كذلك في السماع، فلا يستحق ذلك في القياس خلافًا لمن جعلهما شرطين مستحقين، فإن طائفةً من المتأخرين يقولون بذلك، ويؤولون الجامد واللازم