هي للقريب في الوجه الآخر، حيث جعلنا كذاك خبر "كلتا"، إذ ليست الإشارة فيه إلا لكلا، وهي أقرب في الذكر من المثنى فرفع الناظم هذا الإيهام بقوله: "كابنين وابنتين يجريان" وعين أن الإشارة للمثنى لا لكلا والله أعلم.
فإن قيلك اقتصار الناظم على أربعة ألفاظ مما أجرى مجرى المثنى مشكل، ؛ فإنه إما أن يريد أن هذه الألفاظ وما كان مثلها مما شذ عن الباب فيكون اقتصاره عليها تنبيها على ما هو في معناها مما لم يذكر، وإما أن يريد أن هذه الألفاظ بخصوصها شذت، وترك ذكر ما عداها، وعلى كلا التقديرين يرد الإشكال، فإن أراد الأول فليس في لفظه ما يدل عليه إذ لم يقل بالألف ارفع المثنى وكذا كذا، وما كان نحوها، ولا ما أشبه ذلك، وإن أراد الثاني كان اقتصاره على ما ذكر قصورا مع القدرة على التنبيه على ما بقي، بأقل إشارة، ولإيهام أن هذه المذكورة هي التي شذت عن باب المفردات، وذلك قادح، وقد جعل في "التسهيل" وشرحه ما شذ من ذلك على ضربين:
أحدهما: ما خرج عن حقيقة التثنية، بكونه مخالفا لمعنى المثنى وإن صلح للتجريد وعطف مثله.
والثاني: ما وافق معنى المثنى لكنه غير صالح للتجريد وعطف مثله عليه فمن الأول ما أريد به التكثير نحو قول الله تعالى: ((ثم ارجع البصر كرتين)) المعنى كرّات كثيرة لقوله: ((ينقلب إليك البصر خاسئا)) أي: مزدجر، ((وهو حسير)) أي: كليل، وقالوا: سبحان الله