الأنباري: أتاني سِواؤك، ومن أمثلة الفراء: أتيت سواك، أي غيرك. فهذا كله دليل واضح على صحة ما تقدم، ولا يبقى في المسألة إلا أن يقال: إن العرب تقول: مررت بمن سواك في شهير الكلام، فتصل الموصول بها كما تصل بسائر الظروف، ولولا أنها ظرفٌ لما جاز ذلك.
والجواب: أنه لا يلزم من معاملتها معاملة الظرف أن تكون ظرفًا "فإن حرف الجر يعامل معاملة الظرف ولم يكن بذلك ظرفًا" وإن سمي ظرفًا فمجاز، فكذلك إن أطلق على سوى لفظ الظرف مجازًا فجائزٌ، أما إطلاقه حقيقة فممنوع.
فإن قيل: فلم وقعت سوى صلةً دون غير، فعن ذلك جوابان:
أحدهما: أن ذلك من النوادر كنصب غدوةٍ بعد لدن، وإضافة ذي إلى تسلم في قولهم: اذهب بذي تسلم.
والثاني: أن سوى لزمتها الإضافة لفظًا ومعنى فأشبهت عند ولدي فعوملت معاملتها في الوقوع صلةً مع كثرة الاستعمال، بخلاف غيرٍ فإنه لا يلزم الإضافة لفظًا فلم يتحقق الشبه.
وقد ظهر من هذا أن سوى وأختيها عند الناظم لا تكون ظروفًا كما زعم البصريون؛ فإنه لما قال: "ما لغير جعلا" ظهر أنها لا تكون ظرفًا؛ لأن عدم الظرفية مما جعل لغير، ودليله ما مر.