والجواب: أن إجازته الرفع على البدل يعين أن التقديم لا يكون إلا على المستثنى منه خاصةً؛ لأنك إذا قلت: إلا زيدٌ لم يقم القوم لم يصح أن يكون واحدٌ منهما بدلًا، وكذلك: إلا زيدٍ لم أمر بإخوتك، وما أشبه ذلك، فلا بد من محل يتصور فيه البدل، وذلك لا يكون إلا عند توسط المستثنى. هذا وجهٌ من الاعتذار جارٍ، ويمكن أن يعتذر عنه بأنه قد ذهب في ذلك مذهب من رأى جواز التقديم على الجملة بأسرها، حكاه ابن الأنباري عن الكسائي من الكوفيين، وعن الزجاج من البصريين. وإذا كانت المسألة خلافية أمكن أن يطلق العبارة بناءً على القول بالجواز، ويترجح هذا المذهب بأمرين: الأول: السماع في نحو ما ذكر، والآخر: أن المانع عند البصريين من التقديم شبهه بالصفة مع الموصوف، أو بالبدل مع المبدل منه، أو بالمعطوف بلا مع المعطوف عليه، وذلك الشبه غير معتبر، ولا محصل؛ إذ لو كان كذلك لم يجز تقديمه على المستثنى منه وحده، وهو جائز باتفاق من المختلفين. وما فرق بن ابن مالك في الشرح ليس بفرقٍ قوي يعمل مثله في بناء الأحكام عليه، وكذلك قول من قال: لما تجاذبه شبهان شبهه بالمفعول، وشبهه بالبدل، والأول طالبٌ بجواز التقدم مطلقًا، والثاني مانع منه مطلقًا، أعطي منزلة بين المنزلتين إعمالًا للشبهين فلو أجيز التقديم بإطلاق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015