"قد يأتي" أي قد يأتي قليلًا غير النصب، وهو الإتباع في المستثنى السابق؛ إذ ليس بكثير في كلام العرب، قال سيبويه: "وحدثنا يونس أن بعض العرب الموثوق بهم يقولون: ما لي إلا أبوك أحد، فيجعلون أحدًا بدلًا، كما قالوا: ما مررت بمثله أحدٍ، فجعلوه بدلًا" وإنما كان غير مختار لأنهم كرهوا أن يبدلوا الأكثر من الأقل، إذ كان البدل على خلاف ذلك، لأنه لا يوجد بدل كلٍ من بعض. بهذا يعلل النحويون، ويفسرون به كلام سيبويه في التعليل حين قال: "وزعم الخليل رحمه الله أنه إنما حملهم على نصب هذا- يعني ما لي إلا أباك صديق- أن المستثنى إنما وجهه عندهم أن يكون بدلًا، ولا يكون مبدلًا منه؛ لأن الاستثناء إنما حده أن "تدارك به بعد ما تنفي، فتبدله". قال: "فلما لم يكن وجه الكلام هذا حملوه على وجهٍ قد يجوز إذا أخرت المستثنى" يعني النصب، وفسره ابن الضائع بأن الأصل في الاستثناء أن يأتي بعد المستثنى منه، فحده إذًا أن يكون بدلًا لا مبدلًا منه؛ لأن البدل ثانٍ عن المبدل منه؛ فلذلك لم يجز: ما أتاني إلا زيدٌ أحدٌ، على أن يكون أحدٌ بدلًا من إلا زيد، فإنه في تقدير: ما أتاني إلا زيد، ما أتاني أحدٌ، فلما لم يكن حده كذلك، ولم يكن مع التقديم أن يكون بدلًا حملوه على وجهٍ قد يجوز فيه وهو مؤخر، وهو