عندهم: ما في الدار أحدٌ إلا حمارًا، أم جائزٌ؟ فيجوز مع الإتباع النصب، فتقول: ما في الدار أحدٌ إلا حمارًا كالحجازيين، وإلا حمارٌ كالمتصل، والذي نص عليه في التسهيل الجواز، وهو نص ابن خروف وغيره، أن الاستثناء المنقطع إذا رفعه بنو تميم فعلى حدٍ ما يرفع الجميع المتصل، فالمختار الإتباع، ويجوز النصب على غير الوجه المختار؛ لأن المنقطع في التأويل قد صار إلى معنى المتصل، وإذا صار إليه فيجري على حكمه، وقد يؤخذ من كلام الناظم جواز الوجهين؛ فإنه لما قال: "وانصب ما انقطع" ثبت أن النصب فيه حاصلٌ بإطلاق على كل لغةٍ، وحين قال: "وعن تميم فيه إبدال" دل على أنه وجه ثانٍ لهم فيه زائدٌ على النصب، فحصلت الإشارة من كلامه إلى ثبوت الوجهين على الجملة، وإلى تعيين الأرجح على مذهبهم وهو الإتباع.
والثاني: أن شرط الإبدال عند بني تميم أن يصح وقوع المستثنى موقع المستثنى منه، نحو ما تقدم من الأمثلة، فإنك إذا قلت: ما في الدار أحدٌ إلا حمارًا، فلك أن تسقط أحدًا، فتقول: ما في الدار إلا حمارٌ، وتقول أيضًا: ما بالربع إلا الأواري، والخيل لا يبقى لجاحمها إلا الفتى الصبار، وبلدةٍ ليس بها إلا اليعافير وإلا العيس. وهذا كله كلامٌ مستقيمٌ، أما إذا لم يصح أن يقع موقعه فليس في المستثنى إلا النصب كقولهم: ما زاد إلا ما نقص، وما نفع إلا ما ضر، ففاعل زاد ونفع ضمير مستتر، فكأنه قال: ما نفع ذلك الشيء ولكن ضر، ولا زاد ذلك الشيء ولكن نقص. وما التي بعد إلا مصدرية، وفي إعرابها اضطراب، ولكن الحاصل أنه ليس بمرفوع على البدل، ولا يصح وقوعه موقع