أحدهما: أن يقع في كلامٍ مثبت.

والثاني: أن يقع في كلامٍ منفي أو ما أشبه المنفي. ولكل قسم حكم يختص به. فأما الأول فهو الذي تقدم لكنه لم يكن فيه ما يشعر بأنه قسيم المثبت، فلما أتى بالقسم الثاني، وهو قسم المنفي دل على المقصود بالأول، وتعين أنه المثبت، فكأنه قال: "ما استثنت إلا بعد الإثبات مع تمامٍ ينتصب" وكثيرًا ما يجري له مثل هذا؛ أن يجتزئ بتعيين القسم الثاني عن الأول، وقد مضى منه بعض المواضع.

ويعني أن الاستثناء بإلا بعد النفي أو ما أشبه النفي يختار فيه الاتباع للأول، فيجري على حكمه في الإعراب، إن كان مرفوعًا ارتفع، وإن كان منصوبًا انتصب، وإن كان مجرورًا انجر، وذلك إذا كان الاستثناء متصلًا، نحو: قولك: ما قام القوم إلا زيدٌ، وما رأيت القوم إلا زيدًا، على الاتباع لا على الاستثناء، وما مررت بأحدٍ إلا أخيك، وما أشبه ذلك. وهذا مثال النفي الصريح، وأما ما أشبه النفي فمنه النهي، نحو: لا تضرب أحدًا إلا زيدًا، ولا يقم أحدٌ إلا زيدٌ، ولا تمرر بأحدٍ إلا زيدٍ، ومنه الاستفهام، نحو: هل قام أحدٌ إلا زيدٌ، وهل مررت بأحدٍ إلا زيدٍ، ومن أكرمك إلا زيد؟ وفي التنزيل: {ومن يغفر الذنوب إلا الله} وقال: {ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون}. وقد يكون من النفي ما ليس بصريح لكنه كالنفي الصريح فيدخل تحت قوله: "أو كنفي": ما كان [نحو]: أقل رجلٍ يقول ذلك إلا زيدٌ، وقل رجلٌ يقول ذلك إلا زيدٌ، فهو على معنى: ما يقول ذلك إلا زيدٌ، فالرفع هو المختار في هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015