التباسًا بينهما بلا بديل، بل يمكن أن يسأل عن صنع كل واحد منهما على انفراده من غير أن يكون ملتبسًا بصنع الثاني، فالنصب قد يكون على هذا أولى، لأنه المطابق، والعطف أيضًا هو المطابق لقصد التشريك، وإذا تعارض القصدان لاقتضاء كل واحد منهما رجحان وجهٍ حصل من المجموع جواز الوجهين على السواء، كما استوى الوجهان في باب الاشتغال في: زيدٌ ضربت وعمرو كلمته حسب ما تقدم فكذلك هنا.
فالجواب: أن قصد مجرد التشريك هنا يقتضي العطف حتمًا، فلا يجوز معه النصب، وقصد الالتباس والمعية لا يقتضي النصب حتمًا، بل يجوز العطف على ذلك القصد، فإذًا للعطف في الباب مزية ليست للنصب، فكان العطف أولى كما قال الناظم، مع أن كلام سيبويه ليس بنص في مخالفته، بل يجوز أن يكون تخييره بين الوجهين يريد به أن كل واحد منهما سائغ ليس بقبيح كما كان قبيحًا قبل أن [يؤكد، ويبقى] ترجيح أحد الوجهين على الآخر غير معترض له في كلامه. والله أعلم. فإذا تقرر هذا فلنرجع إلى تنزيل ألفاظه على ما ذكر، فقوله: "وبعد ما استفهامٍ أو كيف نصب" ... إلى آخره، يعني أن بعض العرب ينصب ما بعد الواو وإن لم يتقدم فعل ولا ما أشبهه إذا تقدم ما الاستفهامية أو كيف، ولا تكون إلا أداة استفهام، فتقول: ما أنت وزيدًا؟ وكيف أنت وقصعةً من ثريد؟ وقد تقدمت الأمثلة.
وفي قوله: "بعض العرب" نص على أنه لا يقول بالنصب جميعهم، وإنما هو مسموعٌ من بعضهم، وكأنه أراد حكاية ما حكى سيبويه إذ قال: "وزعموا أن ناسًا