/ وغير ذي التصرف الذي لزم ... ظرفية أو شبهها من الكلم
هذا الفصل يبين فيه معنى التصرف المستعمل في الظروف في قولهم: ظرف متصرف، وظرف غير متصرف، فأخبر أن تصرف الظرف أن يصح استعماله ظرفًا وغير ظرف، أي يصح أن يعمل فيه فعله الواقع فيه، فينتصب على تضمين معنى في، ويصح أن يعمل فيه غير ذلك الفعل فيجري بوجوه الإعراب أو ببعضها، لا على معنى في، وذلك كيومٍ وليلةٍ في ظروف الزمان، فإنك تقول: سرت يومًا، وقمت ليلةً، فينتصب نصب الظرف، وتقول: أعجبني يومٌ لقيتك فيه، وأحببت ليلةً ألقاك فيها، وسررت بيومٍ ألقاك فيه، وبليلةٍ أراك فيها، وكذلك: أعجبني يومُ الجمعة، وعجبت من يومِ الجمعة، ورغبت في ليلةِ كذا، فاستعمال هذا فاعلًا ومفعولًا به ومجرورًا بين أنه متصرف، أي يتصرف بوجوه الإعراب. ومثال ذلك في ظرف المكان: يمين وشمال، فإنك تقول: قعدت يمينك وقمت شمالك. فهذا ظرف، فإذا قلت: يمينُك أحسن مقعدًا، وشمالُك أليق مكانًا، ورأيت يمينَك أحسن، وشمالَك أوطأ، وملت إلى يمينِك عن شمالِك، وكذلك مكان، وذات اليمين، وذات الشمال وما أشبهه مما شأنه أن يستعمل هكذا بوجوه الإعراب كسائر الأسماء فهو المتصرف، وذو التصرف. فقوله: "وما يرى ظرفًا وغير ظرف" يعني في الاستعمال العربي وقوله: "ذو تصرف في العرف" يريد في عرف النحاة فإن هذه العبارة، وهي عبارة التصرف- اصطلاحية. وهذا التعريف إحالة على السماع؛ إذ لا يقاس التصرف أو عدمه، ولا فيه علة توجب القياس، فإن أسماء الأماكن محصورة، والأسماء المحمولة عليها قليلة، وقد جعلها سيبويه غرائب. والمصادر وإن كثرت بعض كثرةٍ في الظروف فإنها نائبةٌ عنها، وقليلة لا يقاس عليها فمن هنا أحال في تصرفها على السماع. والله أعلم.