على تمامه لسقوط دلالته على الزمان المعيّن، كالصفة من كل وجه، وهو دليله على اشتقاق الصفة من المصدر لا من الفعل، فإذا كان هنا يختار اشتقاق اسم المكان من الفعل فقد ارتكب أنّ المشتق لا يلزم أن يفيد معنى المشتق منه. وذلك تناقض ظاهرٌ، ولو كان قائلًا في الصفة بما يظهر منه هنا لكان له وجهٌ من القياس؛ لأنَّ القائل باشتقاق الصفة من الفعل يحتجُّ بأنها قد جرت في أحكامها على الفعل فعملت عمله وبُنيت على وزانه، وانحطت عن درجته في قوة العمل؛ إذ الفعل يعمل بلا شرطٍ، والصفة لا تعمل إلا بشرط، وأيضًا فسقوط الدلالة على الزمان المعيّن غير ضارٍّ، لأن الدال عليه الصيغة في الفعل وهي قد عُدِمت في الصفة، فلا يلزم أن يدلّ الفرع المشتق إلا على ما يبقى الدال عليه في الفرع، وهكذا يقول هنا من من يدّعي أن اسم المكان مشتقٌّ من الفعل؛ لأنه جارٍ على الفعل المضارع، ألا ترى أن المضارع في الثلاثي إذا كان على يَفْعِل بكسر العين كان اسم المكان على مَفْعِل كيضرِب ومضرِب، وإن كان على يفعَل -بفتح العين- كان اسم المكان على مفعَل كيذبَح، ومذبَح، وما خرج عن ذلك فلعلل اقتضت ذلك، فصار اسم المكان مع الفعل كالصفة معه، فالذي يقال هنالك يقال مثله هنا، فقد كان هذا مما يمكن الاحتجاج به لظاهر كلامه هنا لولا ما يلزمه بين المذهبين من ظاهر التناقض. والأولى أن يعتذر له عن أحد الموضعين، ويُردُّ إلى الموضع الآخر. وقد وجدنا الموضع الأول في باب المفعول المطلق مقصود الذكر منبهًا عليه، منصوصًا على مخالفته لغيره فيه، ووجدنا هذا الموضع محتملًا لمثل ذلك، ولأن يريد الاجتماع مع الفعل في الاشتقاق، لا أنّه فرع عنه لحاجته إلى ذكره ذلك في عمل الفعل فيه، لكنّه أطلق عليه أنَّه صيغ منه مجازًا، واتساعًا في العبارة. ومثل هذا يُغتَفَر لمثله إذا كان قد قرّر الحق عنده في المسألة، وبيَّن