صحيحة، فقد نصَّ الرماني في شرح الموجز على جواز قولِك: مخافة شَرِّه جئتُه؛ لأنّ العامل متصرف في نفسه فيتصرف في معموله إلّا أنْ يمنع من ذلك مانعٌ طاريءٌ.
وقنِعَ هنا بكسر النون -على فَعِل- يَقْنَعُ قَنَاعَةً وقَنَعانًا إذا رضي عن الله تعالى، وقنِعَ أيضًا بقسمه، وقنِع بقولك، وبالشيء: إذا رضي به، وقَنَع بالفتح يقْنِعُ قُنوعًا إذا سأل، وقد يطلق القُنُوع بمعنى القناعة.
ثم أخذ يُبيّنُ مراتب هذا المفعول في جواز الجر، وقوته، وضعفه، فقال:
وقلَّ أنْ يصْحَبَهُ المُجَرَّدُ ... والعكس في مصحوب أل وأنشدوا
"لا أقعُدُ الجبنَ عن الهيجاء ... ولو توالت زُمَرُ الأعداء"
فبيّن أنَّ جرّ المجرد -يعني من الإضافة والألف واللام- قليل في الكلام، والأكثر فيه النصب، فإذا قلتَ: جئتك إعظامًا لك، فهو أكثر من: جئتك لإعظامٍ لك، وقولك لإعظامٍ لك قليل، وهو الذي منعه الجزولي، فالضمير في (يصحبه) عائد على الحرف الجار، مصحوب أل -وهو الذي دخلت عليه- بعكس المجرّد، يعني أنّ نصبَه قليلٌ في الكلام، والأكثر فيه الجرُّ فقولك: جئتك للحذر منك أكثر من: جئتك الحذر منك. وحقيقة العكس أنَّ تقدير الكلام في المجرد: وقلَّت المصاحبة للحرف في المجرد وكثُرَ فيه عدم المصاحبة. فإذا حَوَّلت هذا الكلام على وجهٍ يَصْدُقُ قلتَ: وقَلَّ في مصحوب أل عَدَمُ المصاحبة وكَثُرَت فيه المصاحبة. ولما أخبر بحكم المجرد وتفضيل النصب فيه، وبحكم مصحوب أل وتفضيل الجرِّ فيه بقي المضافُ المسكون عنه دون تفضيل، فاقتضى التسوية بين الأمرين فقولك: جئتُك ابتغاء الخير، وجئتك