حقيقته، بل هو أصله، لذلك سموه مفعولًا من أجله، فما فعل الناظم من ذلك مخالفٌ لما عليه الأمر في نفسه. وعلى هذا ينبني الاعتراض الثاني، وهو أنّه لما بيّن الشروط وأتى في أثنائها بقوله: "إن أبانَ تعليلًا" ظهر منه أنّ كونه يُبين التعليل من جملة الشروط، ثم بنى على ذلك أنّه إن فُقد شرطٌ من الشروط المذكورة جُرَّ بالحرف الجار، وذلك ظاهر في جملتها ما عدا إبانة التعليل، فإنه لا يلزم جرّه باللام؛ لأنّك إذا قلت: رجع القهقري، وقتلته صَبْرًا لم يصحَّ دخول الحرف عليه، وكلامه يقتضي ذلك، فكانت إحالته على فَقْد شرط مما ذكر غير صحيحه.
والثالث: أنَّ النحويين يستثنون من هذا المفعول قِسمًا لا يلزم فيه الجر بالحروف مع فقد الشروط، فيقولون: إذا كان المفعول له أنْ وأنَّ فإنّه يجوز إسقاط حرف الجر منه على الإطلاق من غير شرط؛ لأنَّ هذين الحرفين يُحذَفُ معهما حرفُ الجر على كل حال، فتقول: جئتك أن تكرمني، وجئتك أنَّك كريم، ولو قلت: جئتك إكرامك، أو جئتك كرمَك لم يجز، ولا بد من اللام، وكلامه يقتضي أن لا بد من الشروط في جواز نصب هذه المفعول، ولا يقال: لعله يجعل أنْ وأنَّ في موضع جر؛ لأنا نقول: ليس هذا مذهبه، وقد تقدّم في باب تعدّي الفعل ولزومه نَصُّه على أنّهما مع إسقاط الجار في موضع نصْبٍ بقوله: "وإن حُذف فالنصبُ للمنجر" إلى آخره فكان إطلاقه قاصرًا عن بلوغ المقصود.
فأمَّا الأول والثاني فلا جواب لي عنهما الآن. وأمَّا الثالثُ فسهْلٌ وهو أن