إن كان لا يتطرق إليه احتمال يزول بالمصدر سمي مؤكدا لنفسه؛ لأنه بمنزلة تكرير الجملة، فكأنه نفس الجملة، وكأن الجملة نفسه، نحو قولك: له على ألف درهم عرفا أو اعترافا -فإن قولك: "له عليَّ ألف درهم" اعتراف ثابت لا يتطرق إليه احتمال يرتفع بقولك عرفا أو اعترافا- وإن كان مضمون الجملة يتطرق إليه احتمال يزول بالمصدر فتصير الجملة به نصا سمي مؤكدا لغيره؛ لأنه ليس بمنزلة تكرير الجملة، فهو غيرها لفظا ومعنى" وهو قولك: هو ابني حقا. وهذه التفرقة للسيرافي مع زيادة بسط، وقد يسمى أيضا الأول التوكيد الخاص، والثاني التوكيد العام، ومعنى الخصوصية في الأول أن قوله "اعترافا" مقصور على قوله: له عليَّ كذا، وخاص به. وأما حقا فليس بخاص بتلك الجملة بعينها، بل يكون توكيدا لها، فتقول: هو ابني حقا، ولغيرها نحو: أبوك منطلق حقا، وزيد قائم، ومات زيد، وأبوك سائر، وغير ذلك من الأخبار، فيحق أن يسمى التوكيد العام، والأول خاصا، ثم أتى بتمثيل لكل واحد منهما، فقال: "فالمبتدأ نحو له عليَّ ألف عرفا" يعني بالمبتدأ المبدوءَ به أولا، وهو المصدر المؤكد لنفسه، ومثَّل بمثال من أمثلة الكتاب، فعرفا بمعنى اعترافا، ولكونه مسموعا أتى به، وإلا فقد قال الجوهري إنه اسم مصدر للاعتراف، فصار كالسلام من سلَّم، والكلام من كلَّم، والجاري على اعترف الاعتراف، وقد يقال: إنه جار على عرف بمعنى اعترف، فالعرب تقول: ما أعرف لأحد يصرعني، أي ما أعترف له، فكأنه لما قال: له عليّ ألفٌ قال