ولكن النحويين يحكون عنه المنع بإطلاق من غير ذكر تصحيح، فإن صح ما حكاه عنه فوجه الرد عليه من هذا الكلام أن العرب التزمت في الفاعل إذا كان ضميرًا الاتصال ما لم يعرض مانع منه، والموانع منه محصورة مذكورة، وهذا ليس منها. وإذا لم يكن منها فلا بد من الرجوع إلى الأصل من الاتصال وإلا قد خرجنا عن التزام ما التزمته العرب. فإن قال: فهذا أيضًا موجب؛ إذ يلزم من اتصال الضمير محذور، وهو الإضمار قبل الذكر. قيل: ليس الإضمار قبل الذكر بمحذور؛ لما تقدم فلا يخرج الضمير عن أصله من الاتصال لغير موجب ثابت. فهذا معنى التنكيت على الكسائي والفراء بقوله: "والتزم ما التزما".
والثانية: التنبيه على التزام المطابقة بين الضمير والظاهر، فإن كان الظاهر مفردًا كان الضمير كذلك، وإن كان مثنى فالضمير مثنى كما مثَّله بقوله: "كيحسنان ويسيء ابناكا" البيتين، أو كان الاسم مجموعًا فالضمير كذلك إعمالًا للمطابقة اللازمة في مثل هذا، ويكون في ذلك تنبيه على ما نبه عليه سيبويه من أن: ضربوني وضربت قومك هو الوجه، والأحسن، وأن إفراد الضمير رديء في القياس وألزم على القياس فيه أن يقال: أصحابك جلس، تضمر شيئًا يكون في اللفظ واحدًا، قال: "فقولهم هو أجمل الفتيان وأنبله لا يقاس عليه ألا ترى أنك لو قلت وأنت تريد الجماعة: هذا غلام القوم وصاحبه لم يحسن"