يكون من عطف المفردات أو من عطف الجمل؛ إذ لا ثالث لهما، وكلاهما غير صحيح، أما عطف المفردات فلا بد فيه من التشريك في عامل، قاله ابن أبي الربيع، وليس ذلك هنا، وأما عطف الجمل فلا يتصور إلا بأن تجعل كل واحد من العاملين مسندًا إلى اسم يستقل به، وأما إذا جعلتهما معًا مسندين إلى اسم واحد فلا لعدم استقلال أحدهما بنفسه دون الآخر فلا يصح إذًا أن تكون من عطف الجمل، فصح أن العامل فيه أحدهما لا كلاهما، وهو ما ذكره الناظم ونكت بذلك على الفراء القائل بأن العاملين معًا هما الرافعان بناء على أن الإضمار قبل الذكر ممنوع، وههنا يلزم إذا أعملت أحدهما الإضمار قبل الذكر، فكان الوجه المنع، لكن جاء من كلامهم: قام وقعد زيدٌ، فلا بد أن يعملا معًا في الاسم؛ إذ لا ثالث، قال في شرح التسهيل: "والذي ذهب إليه غير مستبعد فإنه نظير قولك: زيد وعمرو منطلقان على مذهب سيبويه فإن خبر المبتدأ عنده مرفوعٌ بما هو له خبرٌ فيلزمه أن يكون (منطلقان) مرفوعًا بالمعطوف والمعطوف عليه؛ لأنهما يقتضيانه معًا.

وقد يجاب عن هذا بأن يقال: أما الإضمار قبل الذكر فموجود من كلام العرب في باب نعم وبئس، وضمير الأمر والشأن، وغيرهما، وقد حكى سيبويه من كلام العرب: ضربوني وضربت قومك. وغير ذلك مما سيأتي بعضه على إثر هذا بحول الله، وأما قولك: زيد وعمرو منطلقان فإن المعطوف أبدًا مع المعطوف عليه في حكم الاسم المثنى، والاسم المثنى في حكم المعطوف بالواو، وإذا كان كذلك فالعامل إنما هو واحد عمل في اسم واحد. والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015