فالجواب عن الأول بأمرين: أحدهما: أن يكون ذكر اللازم وحده، ليكون أصلا لغيره، فيقاس عليه؛ لأن المتعدي بنفسه بالنسبة إلى غيره كاللازم بالنسبة إلى المفعول؛ إذ كل واحد منهما غير مطلوب للفعل من جهة وضعه، وإذا كان كذلك ساغ القياس، فكأنه ترك غير اللازم ليقاس على اللازم للاجتماع في المعنى الذي لأجله تعدى اللازم، بل التعدي أولى؛ لأنه إذا كان ما لا يتعدى أصلا يتعدى بحرف الجر فأولى ما شأنه التعدي.
والثاني: أن يكون سمي المتعدي لازما باعتبار تعديه إلى زائد، فالمتعدي إلى واحد لازم في المعنى عن التعدي إلى ثان. وكذلك المتعدي إلى اثنين بالنسبة إلى الثالث، فأطلق لفظ اللزوم وهو يريد اللازم في الحقيقة وهو ما لم يتعد أصلا، واللازم مجازا، وهو ما لم يطلب من المفعولات زائدا على ما تقضى منها. واستعمال اللفظ في حقيقته ومجازه جار على ما ذكره أهل الأصول، وغيرهم.
والجواب عن الثاني: أن قوله: "نقلا" إنما يرجع إلى حذف الحرف والتقدير: وإن حذف نقلا فالنصب للمنجر، وعلى هذا التقدير يصبح الكلام مع قوله: "وفي أن وأن يطرد" فإن قسم الحذف قسمين:
أحدهما: سماعي في غير أن وأن فذكره أولا، وبين أن حكم المجرور بعد الحذف النصب. والآخر قياسي، وذلك مع أن وأن، وهذا المحمل لا بد منه، ويبقى النصب على إطلاقه؛ إذ كان ما حذف منه حرف الجر في الشعر- وإن كان سماعا- لا بد فيه من الرجوع إلى النصب قياسا مطردا. وأما بقاؤه على الجر ففي غاية الشذوذ. وقوله: "وفي أن وأن يطرد" أن وأن هما المصدريان، وضمير يطرد عائد على الحذف المفهوم من قوله: "وإن حذف" كما في قوله تعالى: