وكذلك تقول: ضربه، وأكرمه، وأعانه، وأهانه، واستعمله، ونحو ذلك، والهاء ليست للمصدر، فلو كان الموصول بالفعل هاء المصدر، أي الهاء الدالة على المصدر لم يكن في ذلك دلالة على أنه متعد، فإنك تقول: القيام قمته، وقام لا يتعدى، وتقول: تكلمه، وتكلم لا يتعدى، وخرجه، وخرج لا يتعدى، وذهبه وانطلقه، وكثيرا من ذلك، وليس فيها دلالة على التعدي، لأن الهاء للمصدر، فلو فرضتها في هذه الأفعال لغير المصدر لم يستقم فمن ههنا دل على أنها غير متعدية، ودل على أن الأولى متعدية، فتقول: عملت البيت، وضربت زيدا، وأكرمت عمرا، وأعنت خالدا؛ لأنك تقول: عملته، وضربته، وأكرمته، وأعنته، ولم ترد مصدرا، ولا تقول: قمت زيدا، ولا: تكلمت عمرا، ولا: خرجت زيدا، ولا: ذهبته ولم ترد المصدر، فلو أردت المصدر لصح، وكذلك تقول: قمت القيام. وخرجت الخروج، وذهبت الذهاب، وسبب عدم دلالة هاء المصدر على التعدي أن كل فعل متعديا كان أو غير متعد يتعدى إلى المصدر، وتلحقه هاوه.
وفائدة قوله: "أن تصل ها" الاستظهار، والاحتراز من الفعل الواصل بحرف الجر، فإنك تقول: قام به، وتكلم به، وخرج إليه، وذهب به وانطلق إليه، ونحو ذلك، فيتعدى إلى هاء غير المصدر لكن من غير اتصال، بل بواسطة تفصل بينهما، فلا يسمى لذلك متعديا إذا لم تكن الهاء موصولة به.
وقوله: "أن تصل ها غير مصدر به" لا يعني أن تصل الهاء به كيف اتفق، بل يريد أن يكون الشأن فيه كذلك، والاستعمال جاريا عليه، لان من الأفعال ما هو لازم، لكنه يتعدى في حال الضرورة، أو فيما لا يتعد به في الكلام، ولا يقاس عليه، كمررت في قول جرير: