تقدير تكرار العامل، ألا ترى أنك تقول: يا عبد الله وزيد، كما تقول يا عبد الله زيد، ومع ذلك فلم يمتنع أن تقول: أزيدا رأيت عمرا وأخاه؟ فكذلك لا يمتنع أن تقول: أزيدا رأيت عمرا أخاه؟ وأيضا فلو كان البدل على تقدير تكرار العامل حقيقة لم يكن من بدل المفرد بل من بدل الجملة من الجملة، وذلك باطل بالاتفاق، وإذا كان كذلك جرى في الحكم مجرى المعطوف، وهو ظاهر إطلاق الناظم، ولا حجة في اختياره لغير ذلك في التسهيل؛ فإنه قد نصب نفسه منصب المجتهدين في العربية، وقد تختلف أقوال المجتهدين كثيرا في المسألة الواحدة بحسب الأوقات والأنظار.
والجواب عن الثاني لا يحضرني الآن. والظاهر لزومه إذا سلم أن ذلك مختص بالعطف بالواو.
وللقائل أن يقول: لا يختص ذلك بالواو أصلا، بل يجوز مع الفاء، وثم، وغيرهما من حروف العطف، لان الكلام كله جملة واحدة، وفيها ضمير الاسم السابق، وإذا كان كذلك جاز في الجميع، وغاية المانع أن يقول إن الفاء، وثم يقتضيان الترتيب وتكرار العامل، وذلك يفيد الاستقلال، فالمعطوف في حكم المستقل، بخلاف الواو فإنها تعطي الجمع، ومعنى مع، وذلك يقتضي عدم الاستقلال، فالمعطوف بها لا يستقل الكلام دونه، ولا يستقل هو بنفسه. هذا ما احتج به ابن عصفور للمنع. ورد عليه بعض المتأخرين بان الفاء، وثم إنما يعطيان أن الثاني بعد الأول، وما بعدهما ليس مستقلا، فاتصال بما قبله، وإلا فيلزمه ألا يجوز في الواو أيضا حيث لا يستقل الأول، نحو أزيد اختصم عمرو وأخوه، ويلزم أيضا ألا يجوز: أزيدا ضربت عمرا وأخاه بعده؟ وما أشبهه مما يتبين به أن المعطوف متأخر، وأيضا ما أبعد ذلك في الفاء مع أنها تصير