وعن الثاني: أنّ الاعتراضَ بذلك قريبٌ والمقصود المهم إنّما هو أنّه حيثُ يضعفُ مع الفصل, وحيث يقوي يقوى, وهل هما في رتبة واحدة, أم لا؟ في ذلك نظر يَدِقُّ, ولا تحتماه هذه الصناعة, ولا يظهر له أثرٌ يُنتجُ فائدةً. وبهذا أجاب بعضُ الحُذّاق على نحو هذه المسألة, ثم قال:
وسَوِّ في ذا الباب وصفًا ذا عَمَل ... بالفعل إنْ لم يَكُ مانعٌ حَصَل
هذا عقدٌ يكُرُّ حكمُه على جميع ما تقدّم من أول الباب إلى هنا, وذلك أنّه تكلّم أولًا في كون المشغول عن المعمول هو الفعل, وعليه فرّع الأقسام, وبيّن الأحكام, فبيّن في هذين البيتين أنّ الوصف جارٍ في هذا الباب مجرى الفعل في الأحكام المذكورة, من تقسيم الاسم السابق إلى خمسة الأقسام المذكورة, وغير ذلك ممّا تقدّم, فحيث يصح أنْ يكونَ الوصف مفسّرًا, وكذلك في ترجيح الرفع على النصب, أو العكس, أو التسوية بينهما, فإذا قلت: أزيدًا أنت ضاربُه, فالنصب فيه كالنصب في: أزيدًا ضربتَه, وإذا قلت: زيدًا أنا ضاربُه, فهو كقولك: زيدًا أضرِبُه, وإذا قلت: زيدٌ ضربتُه, وعمروٌ أنا مكرِمُه, فهو كقولك: زيدٌ ضربتُه وعمرو أكرمته وإذا قلت: زيدٌ هل أنت ضاربُه؟ فهو كقولك: زيدٌ هل ضربتَه؟ وكذلك سائر الأقسام المتقدّمة, والأحكام المتقرّرة, إلّا أنّه شرط في ذلك شرطين: أحدهما: أنْ يكونَ ذلك الوصفُ عاملًا, وهو قوله: ((وصفًا ذا عملْ)) ويريد: عمل النصب لفظًا أو محلًّا, وذلك اسم الفاعل بمعنى الحال أو الاستقبال, كقولك: أزيدًا أنت ضاربُه؟ وأزيدًا أنت ضاربٌ أباه؟ وأزيدًا أنت مارٌّ به؟ وأزيدًا أنت ضاربٌ أخاه؟ وأزيدًا