((انصبه)) لا يريد به أنّه يجب نصبه, بل يدخله النصب فقط, ويبقى النظر في جواز ذلك, أو وجوبه, أو امتناعه على حسب ما يفسّره بعدُ. وتفصيله بعد بيّن لنا هذا. وإلّا فلو قطعنا النظر عمّا يأتي لكان قوله: (انصبه) يقتضي الوجوب, وتفسير كلامه بكلامه هو الواجب.
وقوله: ((بفعلِ أُضمرا)) نصٌّ على اختياره لمذهب أهل البصرة الذين يقدّرون لهذا المنصوب فعلًا غير الملفوظ به؛ لأنّ الملفوظ به قد أخذ ما يحتاج إليه في اللفظ فلا يستقيم أن ينصب غيره؛ لأنّه قد اكتفى بالضمير فهو غير طالب لغيره, وأصل العمل الطلب, فلا يعمل في غيره, وإذا لم يعمل في غيره فلا بدّ لذلك الغير من عامل, وليس إلاّ فعلٌ مقدّر ويفسّره ذلك الظاهر. وذهب الكوفيون/ إلى أنّ الظاهر هو الناصب بنفسه لذلك الاسم السابق, وإن كان ناصبًا للضمير أيضًا, لأنّه هو الطالب له من جهة المعنى, وأصلُ العمل الطلب فينبغي أن يكون هو الناصب له كما كان ذلك في نحو: ضربتُ زيدًا أخاك, ولا ضررَ في كون الفعل ناصب لاسمين- وإن كان لا يطلب إلّا واحدًا- إذا كان الاسمان معًا واقعين على مسمى واحد. وهذا الاستدلال عند البصريين ضعيف؛ لأن الطلب المعنوي لا يستلزم العمل اللفظي باطلاق, وإلا وجب أن يكون