لم بني على السكون وأخرج عن البناء على الحركة مع قيام موجبها وهو المزية؟ وكذلك تقول على مذهب البصريين: الأصل في الفعل الضارع البناء كسائر الأفعال، إلا أنه أعرب لشبهه بالاسم، فإذا اتصل به أحد النونين بني، فسبيله أن يسأل عنه لم بني؟ ولم يبق على أصله الثاني من الإعراب مع قياس سببه وهو الشبه بالاسم، ووجه هذا أن ما استحقه من الخروج عن أصله الثاني، أعني الذي استحقه بسبب العلة الموجودة فوجب السؤال عن ذلك، والحاصل: أن الأصل صار فرعًا والفرع عاد أصلا لكن باعتبارين وهذه المسألة مبسوطة في "الأصول العربية". ومن هنا يظهر أن قول الناظم: (ومعرب الأسماء ما قد سلما من شبه الحرف) معترض بـ "أي"، وقوله: (والأصل في المبني أن يسكنا) معترض بالماضي اللاحق له الضمائر الثمانية، والاعتذار عنه في "أي" أنه قد ذكرها في بابها، وفي الماضي أن تسكينه للضمائر عارض، وإنما يتكلم في الأصول الثابتة، لا في الطوارئ الزائلة، ومن هنا قال الزجاجي في الماضي: "وهو مبني على الفتح أبدا"، إذا لم يعتبر عروض اتصال الضمائر، وحسن ما فعل.
المسألة الخامسة: أن تمثيل الناظم بما مثل به بين أن الأسماء تبنى على الضم، وعلى الفتح، وعلى الكسر، وعلى السكون، وذلك صحيح، ولم يذكر للأفعال ولا للحروف مثالا فيتبين به أمرها، والذي بين الاستقراء أن الحروف تبنى على الأوجه الأربعة أيضا، فمثال الضم فيها