وذكر ابن عبد البر هذه الحكاية في التمهيد على نحو آخر، والمقصد واحد، فأردف الناظم بالصلاة على الرسول صلى الله عليه (وسلم) لتحصل الإجابة؛ لأن الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم مستجابة على القطع، فإذا اقترن بها السؤال شفعت بفضل الله فيه فقبل، وهذا المعنى مذكور عن بعض السلف الصالح، والصلاة أصلها الدعاء، أي داعيا له بالرحمة والبركة وزيادة التشريف والإكرام، والرسول هو الذي أرسله الملك ليبلغ الرعية، فالرسول صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى الخلق المرسل إليهم بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، و (النبي) هو المنبئ، أي المخبر عن الله تعالى، وهو أعم من الرسول والرسول أخص، لأن كل رسول نبي، وليس كل نبي رسولا، فقد يخبر النبي من غير أن يرسل، ولا يرسل الرسول من غير أن يخبر، فهو إذًا أمدح، فلأجل هذا أتى به الناظم، ولم يقل مصليا على النبي المصطفى.

و(المصطفى): مفتعل من صفو الشيء وصفوته، وهو خالصه، أي الذي اختصه الله واختاره من سائر الخلق صفوةً ولبابا منهم، وهو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعيِّنه أمران:

أحدهما: أنه أخص بهذه الأمة من سائر الرسل عليهم السلام.

والثانهي: أنه صفوة الصفوة الذين هم الأنبياء والرسل، فالمصطفون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015