باب قلت أجمع مثل ظننت»، أى جميع ضروب القول من متكلم وغائب، وماض ومستقبل، مما فيه كلِّه معنى الظن ثم حكى عن بعض المتأخرين أنه فهم من كلام سيبويه أن القول كلّه ما فيه معنى الظن، وما ليس فيه معناه يجرى مجرى الظنِّ، وخطّأه فيه.
وإذا تقرّر هذا فكلام الناظم محتمل للمذهبين معًا، وذلك أن قوله «مطلقا» راجع إلى التقييد المتقدم فى مذهب الجمهور إذا أعملوا، وهو لم يذكر هناك هل القول إذا أعمل معناه معنى الظن أم لا؟ وعلى ذلك ينبنى تعيين مذهبه، لكن تقدم أن معناه هناك معنى الظن، وذكر أن قوله: «ولَتَظن اجعَلْ تقولُ» يريد به فى المعنى والعمل، لأن معنى الظن كالازم لاجتماع الشروط، فيكون إذًا قوله فى هذا البيت: «وأُجري القولُ كَظنَ مطلقا» يريدُ فى المعنى والعمل. وهو ما نصّ عليه الشلوبين، ويظهر من الفارسىّ وابن جنى فى كلامهما على بيت الحطيئة، لأنهما أجريا فيه القول مجرى الظن بنص الفارسىّ، وتسليم ابن جنى في كتابه التنبيه، ثم قال ابن جنى: فإن قيل: فليس هنا استفهام فكيف جاز استعمال القول استعمال الظن؟ قيل: لم يجز هذا للاستفهام وحده، بل لأن الموضع من مواضع الظن، ولو كان للاستفهام مجردًا من تقاضى الموضع لإنه وتلقّيه إياه [فيه] لجاز أيضا: أأقولُ زيدًا منطلقا؟ وأيقول زيد عمرًا جالسًا؟ ولما لم يجز ذلك لأنه لا يكاد يستفهمه عن ظنّ غيره، وعلمت به أَن جوازه إنما هو لأن الموضع مقتضٍ له، وإذا كان الأمر كذلك جاز