وإما لغير ذلك من مقاصدها.
فإن قيل: فكيف يُعرَف ذلك.
قيل: يعرف من أوجه محلُّ ذكرها الأصولُ.
ثم قال: «وَلغيرِ الماضِ من .. سِوَاهما» .. إلى آخره، يعنى أنّ حكم غير لماضى/ من هذه الأفعالِ كُلّها حكمُ الماضى السابق الذكر، ما عدا هَبْ وتعَلّم، فإنهما قد أُهْمِلَ فيهما غير صيغة الأَمرِ، وذلك أَنّه قدّم ذكر هذه الأفعالِ بلفظ الماضى فَنَبّه الآن على أن سواه وهو المضارعُ والأمر منها في الحكم مع الماضى على حدٍّ سواءٍ، فكلّ ما للماضى من أحكام هذا الباب مستقرٌّ لغيره. وإنما نبّه على هذا خوفًا من أن يتوهّمَ خلافُه، وأكّد التنبيه عليه ذكرُه هَبٍ وتعلّم، وأنهما مختصّان بالأَمْرِ، إذ لقائل أن يقول: وهل ما تقدّم من الأفعال الماضية مختصٌّ أيضًا بصيغة الماضى أم لا؟ فكان من التمام رفعُ هذا التوهّم. وتقدير الكلام: واجعَلْ لغير الماضى من سوى هَبْ وتعلّمْ ما زُكِنَ لذلك الماضى من الأحكام -وزُكِنَ- في كلامه -بمعنى: علم. ومنه -في قول الجمهور- قول قَعْنَب:
زَكِنْتُ من أَمْرِهِمْ مِثْلَ الذى زَكِنُوا
أى: علمت من أمرهم ما علموا من أمرى.
وقوله: «من سواهما»، جاء على التصرّف في سوى، وهو قليل، بل من خصائص الشعر عند سيبويه. ولكن الناظم ارتضى فيها جواز