وَخُصَّ بالتَّعْلِيقِ والإلغاءِ مَا
مِنْ قَبْلِ هَبْ، والأَمْرَ هَبْ قَدْ ألْزِمَا
كَذَا تَعَلَّمْ، وَلَغِيرِ الماضِ مِنْ
سِوَاهُمَا اجْعَلْ كُلّ مَالُه زُكِنْ
الإلغاء: عبارة عن ترك إعمال الفعلِ لغير مانعٍ. والتعليق: تركُ إعماله لمانع. وإن شئت قلت: الإلغاءُ عبارة عن إبطال العمل لفظا ومحلا، وأما التعليق فإبطال العمل لفظًا لا محلًا. وكلاهما له سببٌ سيذكره على أثر هذا، إنما قصده هنا بيان ما يدخله هذان الحكمان من هذه الأفعال -فيعنى أنّ الإلغاء والتعليق معًا جائزان وواقعان قياسًا على الجملة، لكن في الأفعال التى قبل هَبْ، فإنها المخصوصة بهما دون ما بقي، وهى أفعال القلوب كُلُّها ما عدا هَبْ وتعلّمْ، من أفعالِ القُلُوبِ. فيجوز لك أن تقول: زيدٌ -ظننتُ- قائمٌ، فتلغى ظننت ولا تعملها، وكذلك: زيدٌ قائم ظننتُ. وكذلك زيدٌ -علمتُ- منطلقٌ، وزيدٌ -رأيتُ قائم/، وكذلك سائرها. ولا يجوز ذلك في هب وتعلّمْ، فلا تقول: زيدٌ قائم هَبْ، ولا يجوزُ تقديم المعمولين، أو أحدهما -الذى هو الشرط في جواز الإلغاء- على واحدٍ من الفعلين. ولا يجوز أيضا الإلغاءُ في القسم الثانى من أفعالِ هذا الباب، وهى أفعالُ الصيرورة مطلقًا، فلا تقول: الفضةُ خلخالٌ صيرتُ، إذ لا موضع للإلغاء فيها؛ لأن مقصده أن تُذكر الجملة من المبتدأ والخبر، أو يبدأ بذكرها، ثم يريد أن يُبَيّن مرتبتُها في العلم أو الشك عنده، أو يبتدئ الجملة على العلم ثم يدركه الشك. وهذا ظاهر في أفعال القلوب. وأما في غيرها فلا معنى له. وأما التعليق فكذلك أيضًا مخصوصٌ بما قَبْلَ هَبْ، ولا يجوز في