فإذا انضم إلى ذلك أن يكون مستحقًا للاتصال لكونه على حرف واحد تأكد امتِزاجُهُ, وجعله مع ما اتصل به شيئًا واحدًا , ولكن اقتضى هذا التعليل أن يبنى المتصل بألف الضمير أو واوِه أو يائه , غير أنه مَنَعَ من ذلك شَبَهُه بالاسم المثنى والمجموع على حدِّه, فيضربان ويضربون يشبه ضاربان وضاربون, فلم يُبْنَ كما مَنَعَ من بناء "أي" , وإن وجد فيها شبه الحرف شبهها ببعض وكلًّ.
وقيل إنما بُنِيَ المضارع لنقصنا شَبَهِهِ بالاسم من حيث لحقه ملا يلحق الاسم؛ لأن هذه النون مختصة بالفعل. فما لحقته من الأفعال إن كان مباينًا للاسم مثل الماضي زادت بهام باينته, وإن كان مشابهًا له نقصت مشابهته, وأتى لهذه النون بمثال وهو قوله: (يَرُعْنَ من فُتِن) ويَرُعْنَ: من راعه يروعه رُؤعًا -بالهمز- ورووعًا -بغير همز- عن ابن الأعرابي ورَوَّعه: إذا أفزعه بجماله وكثرته. قال الجوهري: راعني الشيء أي أعجبني , ورجلٌ أروع وامرأة روعاء ورائعة أيضًا من نسوة روائع.
ويقال: فُتِن الرجل فهو مفتون, إذا أصابته فتنة فذهب ماله أو عقله وفَتَنَتْه المرأة: إذا أذهلته بحبها , وحقيقته عند الخليل جَعَلت فيه الفتنة.