بالحرف من أوله، فلما اختص هذا من آخره بَعُدَ عن شبه الاسم بذلك فعاد إلى أصله من البناء، والرجوع إلى الأصل يكون بأدنى سبب، وهذا الوجه لم يطلع عليه المؤلف، وهو فيما أحسب لابن جني في "الخصائص".
الرابع: ذكره ابن أبي ربيع وهو أن الفعل عند لحاق النون له أشبه صيغة الأمر فقولك: لتفعلن مثل قولك: افعلن، وكذلك ما أشبهه فبنى لمعارضة هذا الشبه شبهه بالاسم، كما بنى إذا لحقته نون جماعة المؤنث لشبهه بالماضي كما يأتي بحول الله وقوته.
النون الثانية نون جماعة المؤنث وهي المرادة بقوله: (ومن نون إناث) وهو معطوف على نون توكيد المتقدم، فكأنه يقول: أعربوا مضارعا إن عرى على من نون الإناث، فإذا سلم المضارع من هذه النون بإطلاق كان معربا نحو: يقوم زيد، وهند تخرج وما أشبه ذلك، وكذلك يعرب وإن لحقه ألف اثنين نحو: الزيدان يقومان ويقومان الزيدان، أو واو جمع نحو: الزيدون يقومون، ويقومون الزيدون أو ياء الواحدة المخاطبة نحو: يكرمني ويذكرني وما كان نحو ذلك، فإنما يشترط في إعرابه السلامة من هاتين النونين خاصة.
ونون الإناث هي النون الموضوعة للدلالة على جماعة الإناث كناية عنهن نحو انون في قُمن وضربن وما أشبه ذلك وقد أعطى مفهوم هذا الشرط في قوله: إن عرى من كذا، أن الفعل إذا لم يعر من نون الإناث فليس بمعرب، إذا لم يكن معربا فليس إلا البناء، وهذا صحيح فإن النون عند الجمهور كذلك.
فإن قلت: هن يضربن أو يخرجن، فالفعل هنا مبني خلافا لمن زعم أنه باق على إعرابه لوجود سبب الإعراب فيه، وهو شبهه