الافتقار مستأنف. وهذا وجه صناعى حسن، وقد تقدّم التنبيه على أصله في باب «المعرف والمبنى»، والله المستعان.
والثانية: أنّ قوله: «وركِّب المفردّ»، إنما يريد بالمفرد هنا ما هو في مقابلة المضاف والشبيه به، لأنه لما قال أوّلًا: «عَمَلَ إِنّ اجعَلْ للا في نكرة» جعل المنصوب بها قسمين هو منصوب أو مضارعٌ له، وقسمًا ليس كذلك، فهو المفرد عنده هنا. لكن يقال: هل يدخُلُ المثنّى والمجموع على حدّه أم لا؟ ظاهر عبارته يقضى بعدم دخولهما لقوله: «فاتحًا»؛ إذ لا يكون في المثنى والمجموع على حدّه، وإنما يُبنَيان على ما كانا يُنصبان به، كما يُبْنَيان في على ما كانا يرفعان به، إلا [أنّ] إن حملناه هذا المحمل، و [أَنّه] إنما أراد المفرد للمثنى والمجموع، والمقابل للمضافِ والشبيه به، خرج له الجمع المكسّر عن حكم البناء، والاتفاقُ أنه لا فرقَ بينه وبين المفردِ في البناءِ عند القائِل به، أو في الإعراب كذلك فلا بدّ أن يقال: إنه أراد بالمفردِ ما قابل المضاف والشبيه به خاصّةً، فيدخل له جمع التكسير بلا بدٍّ يقول: لا رجالَ في الدار، ولا غلمانَ في السوق، كما تقول: لا رجلَ ولا غلامَ، لأنه بقوله: «فاتحًا» دخل له؛ هو مما يفتح؛ لأن إعرابه وبناءه بالحركات. ويبقى والمجموع على حدّه مسكوتًا عنه، فيحتمل أن يكون رأيُه فيه رأىَ الجمهور في أنه مبنى على ما ينصبُ لما كان في باب النداء مبنيًا على ما كان يرفَعُ به. وخالف المبرّد في جعله المثنى على حدّه في هذا الباب معربًا بإطلاق، وكذلك الزجاج أيضا. والأولى مذهب الجمهور، بما اتّفقا مع سائر البصريين عليه من البناء في قولهم: يا قائمان، ويا قائمون، ؛ إِذْ ما في أحدهما