الرأي هنا.
والثاني: على تسليم أن لذلك فائدة، فقوله: «وبَعْدَ ذَاكَ الخبر اذكُرْ» يقتضى بظاهره أن يكون الخبرُ مذكورًا ومنطوقًا به على الإطلاق. وهذا المقتضَى ليس بصحيح، بل إنما يكونُ الخبر مذكورًا إذا لم يدلّ عليه دليل، وأما إذا دلّ عليه دليل فلا يمتنع حذفه، بل حذفُه جائز وواجب؛ فيجوز عند أهل الحجاز، ويلزم عند بنى تميم.
فالجوابُ عن ذلك أنْ يقالَ: أما قولُه «فانصِبْ بها مُضَافًا»، فالقصدَ به أَنّ عمل لا تارةٌ يكونُ باقيًا على أَصْلِه لا يعرضُ له البناء، وذلك المضافُ والمضارعٌ له، وتارةً يعرضُ له البناء -وقد تقدم هذا المعنّى- فنبّه فيه على أمرين؛ أحدهم: أنّ العَمَلَ نصبٌ صحيح، أى: لا تَبْنِ الاسم البتّةَ -والثاني: أن صاحب هذا النصبِ هو المضافُ والشبيه به، فلا يُبْنَيان كما يُبْنى المفردُ المنبّه عليه في قوله: «وَرَكِّب المفردَ فاتحًا» ووجهُ عدمِ البناء فيهما أَنّ المُضَافَ مع المضافِ إليه كشئٍ واحدٍ؛ إذ كان منزّلًا منه منزلة التنوين، فلو بُنِى مع لا لزم جعلُ ثلاثةِ أشياءَ شيئًا واحدًا، ولا نظير لذلك- وإذا كان كذلك فلا إشكال ولا تكرار.
وأما قوله: «وبعد ذاكَ الخبرَ اذكرْ»، فالقصدُ به بيانُ رتبة الخبر من الاسم، وأنه لا يكونُ إلا بعده، فلا يجوزُ أن يتقدم، فإنه إنْ تقدّم الخبرُ بطل العملُ نحو: {لَا فِيهَا غولٌ}. ويلزمُ عند ذلك التكرارُ، لكنها معملةٌ فبطلَ أَنْ يتقدّمها الخبر. ووجهُ ذلك ظاهر؛ إذ لم يثبُت للا من التصرّفِ في المعمول ما ثبَتَ في إِنّ التى هى أصلٌ لها في العمل، ولم يثبت ذلك لإنّ لا إذا كان الخبرُ ظرفًا