وقوله: «مُفْرَدة جَاءَتك أو مُكَرَّرَه» حالٌ من لا، والعامل في الحال/ جاءتك، يعنى أنك تُعمِلُ لا في النكرة على أىّ حالةٍ كانت، فسواءٌ أكانت مكررة نحو: لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله، أو غير مكررة نحو: لا رَجُلَ في الدار. والإفرادُ هنا في مقابلة التكرار، دلّ على ذلك ذكره القسيم بقوله: «أو مكرّرَه». والإفرادُ في هذا الباب يطلقُ بإطلاقين؛ أحدهما: هذا الذى ذكر أنّه مرادُه هنا. والثاني: الإفرادُ الذى في مقابلة الإضافة والشّبِيه بها، وهو المراد في قوله: «وَرَكَبِ المُفْرَدَ فاتحًا»، وقوله: «ومُفْردًا نعتًا لِمَبْنىِّ يَلِى»، وليس بمراده هنا. فعلى هذا يدخل له تحت لفظ المفرد المثنى والمجموع نحو: لا رجلين في الدار، ولا قائِمينِ عِنْدَك، ولا رجالَ في البيت. ويدخل له تحته أيضًا المضافُ والشبيه به، نحو: لا غلامَ أحد عندك، ولا خيرًا من زيدٍ في الدار. وما أشبه ذلك؛ لأن جميع ذلك ليس بمكرّرٍ.
وهذا العمل الذى ذكره الناظم لم يقيّده بوجوبٍ ولا جوازٍ، بل أطلق القول فيه وأجمله بحيث لا يقتضى جوازًا ولا وجوبًا، لأنه أدخَلَ في حكم الإعمال ما يكون العمل فيه واجبًا، وذلك النكرة المفردةُ غير المكرّرة نحو: {ولو تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ} و {قَالُوا: لا ضَيْرَ}؛ فإنّ هذا لا يجوزُ فيه الإلغاءُ البتّة، فلا تقول: لا غلامٌ فيها، حتى تكرر فتقول: ولا جاريةٌ. وأدخل فيه أيضًا ما يكونُ العملُ فيه جائزًا، وذلك النكرة المكررة نحو: {فلا رَفَثَ ولا فُسُوقَ} و {لا لَغْو فيها ولا تَأْثِيمٌ} و {لا بَيْعٌ فيه ولا خُلّةُ ولا شفاعَةٌ}،