لا يحتاج إليه، فقال: «وَإِن يَكُنْ فِعْلًا ولم يكُنْ دُعَا» .. إلى آخره، وحاصله: أن الخبر إذا كان فعلًا، وذلك عبارة عن كونه جملة فعليّة، فالأحسنُ فيه الفصلُ بين أَنْ والفعلِ بأحد تلك الأشياء، ويجوز عَدَمُه على قلة، لكن بشرطين:
أحدهما: أن لا/ يكون فِعْل دُعَاءٍ، وهو قوله: «وَلَم يَكُن دُعَا»، يعني الفعلَ، وإليه رجع الضمير في «يَكُن»، فإنه إن كان دعاءً لم يشترط الفصلُ في الأحسن، بل لا يفتقر إليه، نحو قولهم: أَمَا أَنْ جَزَاك الله خيرًا. ومنه في القرآن الكريم: {وَالخامِسَة أَنْ غَضِب اللهُ عليها إنْ كانَ مِنَ الصّادِقين}. وما أشبه ذلك.
والثاني: أن لا يكون الفِعلُ غير متصرف، وذلك قوله: «ولم يَكُنْ تصريفه مُمْتَنِعا»، فإن إِنْ كان غير متصرّفٍ لم يحتج إلى فَضْلٍ، نحو علمت أن لستَ قائمًا. ومنه قولُ الله تعالى: {وَأن ليس للإنْسانِ إِلّا ما سَعَى}، وقال تعالى: {وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ}.
فإذا اجتَمَعَ الشّرطان فحينئذٍ يعتبر الفصلُ كما ذكر، وعيّن له أربع أدوات:
إحداها: قد، نحو قولك: علمتُ أن قد قام زيد، وقال تعالى حكايةً: {وَيَعْلَم أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا}.