قبل التخفيف على حالٍ، بل لها أحكام تختصّ بها تلك الحال هو آخذٌ في ذكرها، فيعنى أنها إذا خففت صار في إعمالها للعرب وجهان: أحدهما: إبقاؤها على ما كانت عليه من الإعمال، وهو قليل في كلام العرب، ولذلك قال: «فَقَلّ العَمَلُ»، ولكنه مع ذلك قياس، فتقول: إنْ زيدًا لقائمٌ. ومنه في القرآن الكريم: {وَإِنْ كُلّا لَمَا لَيُوَفّيَنّهُمْ رَبُّكَ أَعمالَهُمْ}، وهى قراءة الحرمييّن وأبي بكر.
وَوَجْهُ بقاءِ الإعمال أنها عملت بشبه الفعل كما تقدّم، والفعل يعمل محذوفًا كما يعمل تامًا، كما تقول: لم يكن زيدٌ قائمًا، ولم يَكُ زيدٌ قائمًا، فكذلك يحكم لما أشبهه. وأيضًا فالحذفُ فرعٌ عارض، والأصل هو الإثبات فالمحذوف التقدير كأنه لم يحذف، وكأنها إِنّ كما كانت في الأصل.
والثانى: إهمالها، وهو الأكثر في الكلام. ودلّ على أنه الأكثر قوله: «فَقَلّ العَمَلُ»، لأنه إذا قلّ إعمالها لزم كثرةُ إهمالها، إذ هى دائرةٌ بين هذين لا: واسطة بينهما، فتقول على هذا في الكثير: إِنْ زيدٌ لقائمٌ. ومنه قول الله سبحانه: {وإِنْ كلٌّ لَمَّا جَميعٌ لَدَينا مُحْضَرُونَ}. {وإِنْ كلُّ ذَلِك لَمّا مَتَاعُ الحياةِ الدُّنْيَا}، {إن كُلُّ نَفْسٍ لَمّا عَلَيها حافِظٌ}. وما أشبه ذلك.