العرب، فترك التنبيه على ذاك لنها مسألة في محل النظر بعد، ولأنها غير ضرورية ولا ينبني ليها في اللسان العربي فائدة، وقد اختلف أهل البصرتين فيها، فأهل البصرة ذهبوا غلى أن الإعراب في المضارع فرع دخله بالشبه المنبه عليه وأهل الكوفة ذهبوا غلى أنه أصل فيه، والسبب في دخوله فيها كالسبب في دخوله في الاسم من التفرقة بين المعاني الحادثة بعد التركيب، فكما أن الإعراب في الاسم للتفرقة بين الفاعلية والمفعولية والإضافة في قولك: ما أحسن زيدٌ إذا نفيت، وما أحسن زيدا! إذا تعجبت، وما أحسن زيدٍ؟ إذا استفهمت، كذلك هو في الفعل إذا قلت: لا تأكل السمك وتشرب اللبن. للتفرقة بين النهي عن الفعلين مطلقا وبين النهي عن الجمع، وبين الاستئناف والتخيير في الفعل الثاني والنهي عن الأول، ثم حمل في البابين ما لا يفتقر إلى التفرقة على ما يفتقر غليها، ومن هذا المذهب الأخير استنبط المؤلف مذهبا ثالثا هو أضعف المذاهب، فلم نطوّل بذكره، ثم شرط في إعراب المضارع شرطا فقال: (إن عريا من نون التوكيد .. إلى آخره) يقال: عري الرجل من ثيابه يعري عرية وعرْوة، إذا تجرد منها فهو عار وعريان، والمرأة عريانة، هذا أصله، ثم يستعمل في غير ذلك مجازًا