وعن الثاني أنّ النحويين -غير من ذكر- لم يجيزوا هذا ولا اعتمدوه، وحملوا الآية على غير ذلك؛ إذ تحتمل أن تكون جملة مستقلة وقعت موقع البيان لما قبلها، والمبتدأ منها محذوف، كأنه قال: هو علّامُ الغيوب، أو على أن يكون خبرًا ثانيًا لربِّى. وكذلك قوله: {كلُّه للهِ} جملة هى خبرُ إنّ، كذلك نَدّعى فيها الاحتمال ذلك فيها، وإذا احتمل ذلك لم يكن فيه دليلٌ على ما قالوا؛ فكأن الناظم لم يرتضِ مذهب الجرمي ومن قال بَقْولِهِ، ووجْهُ المنع في النعت أنّ الغرض به بيان المنعوتِ ليصحّ الإخبارُ عنه، فوضعُه أَنْ يكون قبل الخبر، فإن جاء بعده فعلى نيّة التقديم، والحمل على الموضع لا يكون إلا بعد تمام الكلام، ولذلك لم يجز العطف على الموضع قبل الخبر، كما تقدم.
وهذه المسألة كانت سبب عَمَى «الأَعْلَمِ» /؛ حدثنا سابقا الأستاذ -رحمة الله عليه- أنه سأل الأعلمَ بعضُ نحاة عصره: لِمَ جاز اعتبار الموضع في العطف دن النعت؟ فَكلف إيرادًا -وكان رَمِدَ العينين- فنزل الماء فيهما فَعَمِى.
فإن قيل: قد جوزتم النعت على الموضع في باب لا، وفي باب: {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَه غَيرُه}.
قيل: أمّا «لا رَجُلَ» فكالشئ الواحد، وأما «من» فزائدة، وذانك ليسا في إِنّ، فافترقا.