وقال الرجز:

أَعِدْ نَظَرًا -يا عبد قيس- لَعَلّما

أَضَاءَتْ لَكَ النّارُ الحمِار المُقيّدا

وفى كلا الوجهين عمل هذه الحروف قد بَطَلَ لِلحَاقِ ما، وهذا هو الغالب فى الأستعمال، والكثيرُ فى الكلام، ودلّ على ذلك من كلامه إطلاقهُ القول بالإبطال حيث قال: «ووصْل ما بذى الحروف مبطلُ .. إعمالها»، وقطعه بذلك، وأنه لما استدرك الوجه الثانى -وهو بقاء العَمَل- نَبَّه على قِلّتِهِ بِقَدْ، فى قوله: «وقد يُبَقّى العملُ». يعنى أنّ عمل هذه الحروف قد يبقى مع دخول ما فلا يبطل، ولا يكون إذ ذاك إلّا داخله على المبتدأ والخبر كما كانت قبل دخول ما؛ فالمعنى أَنّ ما زائدة كما زيدت بين الجارّ والمجرور فى نحو: {فَبِمَا نقْضِهِمْ}، فتقول: لعلّما زيدًا قائمٌ. ويُروَى بيت النابغة هكذا:

قَالَتْ: أَلَا لَيْتما هَذَا الحمامَ لَنَا

إلى حَمَامِتنا ونِصْفَه فقدِ

بنصب الحمام ونصفه. وحكى المؤلف فى شرح التسهيل عن الأخفش أنه روى عن العرب: إنما زيدًا قائمٌ، ونَسَبَ مثل ذلك إلى الكسائىّ عن العرب. فأعمل عمل إِنّ مع ما. والسماعُ فى غير هذي معدومٌ، ولكن الناظم أطلق القول فى جواز إبقاء العمل على قلة، فدلّ على أنه عنده قياس، ولم يقيد ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015