ثم أخذ يشترطُ في جوازِ دخولِ هذه اللام على الخبر شروطًا ضرورية، وهى ثلاثةٌ:
أحدها: أشار إليه مثاله، وهو قولُه: «إِنِّى لَوَزر». وهو الفصلُ بين إنّ والخبر، فإنه لو لم يكن مفصولًا من إِنّ لم تدخل اللامُ عليه، نحو: إِنّ في الدار زيدًا، فلا يقال: إِنّ لفي الدار زيدًا. ووجهُ ذلك ما تقدم.
والثاني: أن لا يكون الخبر منفيًا، وهو المصرّحُ به في قوله: «وَلَا يَلِى ذِى اللامَ ما قد نُفِيا». ذى: مفعول بيلى، وما هو الفاعلُ، كأنّه قال: ولا يلى الخبرُ المنفىُّ اللّام المذكورة. وقوله: «ما قد نُفِى» -وإن كان الخبرُ غير مصرّحٍ به فيه- فهو/ المرادُ، لأن كلامه فيه، فمعنى الكلام: ولا يلى هذه اللامَ ما قد نُفِى من الأخبار.
والخبر المنفىُّ: هو الذى دخلت عليه أداة نفي، فيريد أَنّ نحو: إِنّ زيدًا ما أبوه قائمٌ، لا تدخلُ اللامُ عليه، فلا تقول: إِنّ زيدًا لما أَبُوه قائم. وكذلك غير ما من أدوات النفي، فلا تقول: إِنّ زيدًا للايقول، ولا: إن زيدًا لإِنْ تقُول إلا خيرًا. وما أشبه ذلك. ومثل ذلك في الامتناع: إِنّ زيدًا لَلَمْ يَقُمْ، وإِنّه لَلَنْ يقوم.
ووجه امتناع اللام هنا عند المؤلف أَنّ أكثر أدوات النفي أولُها لامٌ مثلُ: لا، ولم، ولن، فكرهوا اجتماعَ حرفين مثلين لما فيه من الثّقلِ على اللسان، ثم أجرّوا سائِرَ أدواتِ النفِي على ذلك لِيُنْسَقَ البابُ، كما حملوا يُكرمُ وتُكرمُ على أُكرمُ في حذف همزة أَكرَمَ. ولذلك نظائر في القياس العربي. وقد شذ دخولُها على «لا» في الشعر؛ أنشد