والخبر لتؤكِّد الكلام، فتقول: لَزيدٌ قائمٌ، و {لَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيرٌ من مُشْرِكٍ}. ثم إِنّ إِنْ تدخل على المبتدأ والخبر أيضًا للمعنى الذى تدخله اللام من التوكيد، ويبقى معها معنى الابتداء، كما كان باقيًا مع اللام، فلما لم يتناقضا جاز اجتماعُهم زيادةً في التوكيد، وحسُن اجتماعٌ توكيدين بحرفين، كما حَسُن اجتماعهما باسمين، نحو: {فَسَجَدَ الملائِكَةُ كُلٌّهم أَجْمَعُون}، وموضِعُ كل واحدٍ من الحرفين صدرُ الكلام، لكن لما اجتمعا كرهوا ذلك، وأن يجتمعها ويتلاحقا، ولذلك لما جمعوا بينهما في الشعر غَيّروا أنّ بإبدال همزتها هاءً، فقالوا: أنشده عامة النحاة:
أَلَا يا سَنَا بَرْقٍ عَلَى قُلَلِ الحَمِى
لَهِنّكَ مِنْ بَرقٍ عَلى كَرِيمُ
والأصل عندهم: لإنك. فأبدلوا كما أبدلوا ألف ما حين اجتمعت مع مثلها في قوله، أنشده ابن جني:
مَهْما لى اللّيْلَةَ مَهْمَا لِيَهْ
فلما كان اجتماعهما مكروها أخّروا اللام وأبقوا إنّ في موضعها اعتبارًا