(تقول: اعمل على حسب ما أمرتك) أي: على قدر ما أمرتك، وكذلك تقول: الأجر على حسب ما عملت.
وقوله: (حسبك ما أعطيتك) حسبك: مصدر مسكون وضع موضع الأمر فقام مقام الفعل المأمور به، والتقدير: ليحسبك ما أعطيتك، وليكفك، وهو مرفوع بالابتداء، والكاف في موضع خفض بالإضافة، وما بمعنى الذي وهي الخبر، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ} [الأنفال: 64]، قال الشاعر:
(إذا كانت الفيحاء وانشقت العصا ... فحسبك والضحاك سيف مهند)
فأما قولهم: حسبك ينم للناس فهي هنا اسم للفعل، أي: اكفف، وبذلك جزم ينم الناس كما يجزم جواب الأمر.
قوله: (جلس وسط القوم يعني بينهم).
قال الشارح: وسط الشيء وأوسطه: ما بين طرفيه، فإذا سكنت السين كان ظرفًا وإذا فتحها كان اسمًا، وإنما يكون اسمًا إذا أردت به الوسط كله، ويكون ظرفًا إذا لم ترد به الوسط كله، وذلك إذا حسنت فيه (في) تقول: قعدت وسط الدار، فوسط الدار، ساكن السين؛ لأنه ظرف؛ لأنك لا تأخذ بقعودك وسط الدار كله وإنما تريد قعدت في وسط الدار، فلما أسقطت في انتصب على الظرف، فإن قلت: ملأت وسط الدار قمحًا فتحت السين؛ لأنه مفعول به لأن ملأت لا يقع إلا على الوسط كله، فقمحًا نصب على التمييز والتفسير لأن التقدير: ملأت الدار من قمح، وكذلك