رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا الْبُخَارِيَّ، وَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَمْ يُجْزِئْ فَرْكُهُ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ. وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى هُوَ نَجِسٌ يُجْزِئُ فَرْكُهُ لِهَذَا الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ الْفَرْكَ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى خِفَّةِ النَّجَاسَةِ كَالدَّمِ وَلِهَذَا يُجْزِئُ مَسْحُ رَطْبِهِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي كَفَرْكِ يَابِسِهِ وَإِنْ كَانَ مَفْهُومُ كَلَامِ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ إِلَّا الْفَرْكُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ، وَيَخْتَصُّ الْفَرْكُ بِمَنِيِّ الرَّجُلِ لِأَنَّهُ أَبْيَضُ غَلِيظٌ يَذْهَبُ الْفَرْكُ وَالْمَسْحُ بِأَكْثَرِهِ بِخِلَافِ مَنِيِّ الْمَرْأَةِ، فَإِنَّ الْفَرْكَ وَالْمَسْحَ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ طَائِلًا، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْغَسْلُ أَوِ الْمَسْحُ أَوِ الْفَرْكُ فِي كَثِيرِهِ، فَأَمَّا يَسِيرُهُ يُعْفَى عَنْهُ كَالدَّمِ وَأَوْلَى، وَإِذَا اشْتَبَهَ مَوْضِعُ الْجَنَابَةِ فُرِكَ الثَّوْبُ كُلُّهُ، أَوْ غَسَلَ مَا رَأَى وَفَرَكَ مَا لَمْ يَرَ، وَهَذَا مَشْرُوعٌ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى اسْتِحْبَابًا وَالْأُولَى أَشْهَرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّجَاسَةِ وُجُوبُ الْغَسْلِ؛ وَلِأَنَّ أَثَرَ ابْنِ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنِ الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ فَقَالَ: " أَمِطْهُ عَنْكَ وَلَوْ بِإِذْخَرٍ أَوْ خِرْقَةٍ فَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُخَاطِ أَوِ الْبُزَاقِ " وَنَحْوِهِ عَنْ