مُدَّةً أُخْرَى وَدَخَلَتْ بَقِيَّةُ مُدَّةِ الْأُولَى فِي مُدَّتِهِ إِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً؛ لِأَنَّهُ وُلِدَ فَاعْتُبِرَتْ لَهُ الْمُدَّةُ كَالْأَوَّلِ " وَكَالْمُنْفَرِدِ " وَلِأَنَّ الرَّحِمَ تَتَنَفَّسَ بِهِ كَمَا تَنَفَّسَتْ بِالْأَوَّلِ فَكَثُرَ الدَّمُ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَيَجِبُ اعْتِبَارُ الْمُدَّةِ لَهُ، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ أَنَّ أَوَّلَ الْمُدَّةِ وَآخِرَهَا مِنَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ وَضْعِهِ حَامِلٌ وَلَا يُضْرَبُ لَهَا مُدَّةُ النِّفَاسِ كَمَا قَبْلَ الْأَوَّلِ، وَلِهَذَا لَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ إِلَّا بِوَضْعِهَا، فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَا قَبْلَ وَضْعِ الثَّانِي كَمَا قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ الْمُنْفَرِدِ إِنْ كَانَ " قَبْلَ " يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَهُوَ نِفَاسٌ، وَلَيْسَ مِنَ الْمُدَّةِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَيْهِ، وَهَذَا بَعِيدٌ عَلَى أَصْلِنَا، وَوَجْهُ الْأُولَى وَإِلَيْهَا " صَغَى " أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا أَنَّ الدَّمَ الْخَارِجَ عَقِبَ وَضْعِ الْأَوَّلِ دَمٌ تَعَقَّبَ وِلَادَةً فَكَانَ نِفَاسًا كَدَمِ الْوَلَدِ الْفَذِّ، وَهَذَا لِأَنَّ الرَّحِمَ تَنَفَّسَتْ بِهِ وَانْفَتَحَ مَا اسْتَدَّ مِنْهَا فَكَانَ بِسَبَبِهِ فَيَكُونُ نِفَاسًا، وَإِذَا كَانَ أَوَّلُهُ مِنْهُ فَكَذَلِكَ آخِرُهُ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ الْوَاحِدَ لَا يُوجِبُ مُدَّتَيْنِ كَالْوَلَدِ الْوَاحِدِ إِذَا خَرَجَ مُنْقَطِعًا، وَلِأَنَّ خُرُوجَ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ كَظُهُورِ بَعْضِ الْوَلَدِ فَأَوَّلُ الْمُدَّةِ مُحْتَسَبَةٌ مِنْ حِينِ " ظُهُورِ الْبَعْضِ "، فَكَذَلِكَ آخِرُهَا كَمَا قُلْنَا فِي " ظُهُورِ " بَعْضِ الْوَلَدِ، فَإِنَّ آخِرَ الْمُدَّةِ يَتْبَعُ أَوَّلَهَا إِمَّا مِنْ حِينِ ظُهُورِ الْبَعْضِ أَوْ مِنْ حِينِ انْفِصَالِ الْجَمِيعِ.

[مَسْأَلَةٌ لا حد لأقل النفاس]

مَسْأَلَةٌ

" وَلَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ، مَتَى رَأَتِ الطُّهْرَ اغْتَسَلَتْ وَهِيَ طَاهِرَةٌ ".

وَهَذَا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ «أُمِّ سَلَمَةَ لَمَّا سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمْ تَجْلِسُ الْمَرْأَةُ إِذَا وَلَدَتْ قَالَ: " تَجْلِسُ أَرْبَعِينَ إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015