الْفَصْلُ الرَّابِعُ: إِذَا كَانَ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ فِي طَلَبِهِ بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ عَدُوٌّ أَوْ سَبُعٌ يَخَافُ أَنَّهُ إِنْ طَلَبَهُ انْقَطَعَ عَنْ رُفْقَتِهِ أَوْ ضَيَاعَ أَهْلِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ شُرُودَ دَوَابِّهِ، جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ إِذَا كَانَ لِلْخَوْفِ سَبَبٌ مَظْنُونٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وُجُودَهُ، " فَأَمَّا إِنْ كَانَ جُنُبًا لَزِمَهُ الْوُضُوءُ " " وَلَوْ " رَأَى سَوَادًا فَظَنَّهُ عَدُوًّا أَوْ سَبُعًا فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ تَبَيَّنَ بِخِلَافِهِ، فَلَا إِعَادَةَ فِي أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ لِكَثْرَةِ الْبَلْوَى بِذَلِكَ، بِخِلَافِ صَلَاةِ الْخَوْفِ فَإِنْ لَمْ (يَرَ) شَيْئًا وَقَدْ دَلَّهُ عَلَى الْمَاءِ ثِقَةٌ لَزِمَهُ طَلَبُهُ، قَوْلًا وَاحِدًا، كَمَا لَوْ تَيَقَّنَهُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ غَلَّبَ هُنَا الظَّنُّ وُجُودَهُ، ثُمَّ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَكَانُ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا أَوْ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، فَأَمَّا أَنْ يُمْكِنَهُ الْوُضُوءُ مِنْهُ وَالصَّلَاةُ فِي الْوَقْتِ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ، أَوْ يَخَافَ إِنْ طَلَبَهُ أَنْ يَفُوتَ الْوَقْتُ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ قَرِيبًا وَيُمْكِنُهُ الصَّلَاةُ بِهِ فِي الْوَقْتِ لَزِمَهُ قَصْدُهُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا يَخْشَى إِنْ طَلَبَهُ يَفُوتُ الْوَقْتُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ طَلَبُهُ، وَلَمْ يَجُزْ لَهُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ حَتَّى تَفُوتَ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا لَا يُمْكِنُهُ الصَّلَاةُ بِهِ فِي الْوَقْتِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَلَا مَشَقَّةٍ كَثِيرَةٍ بِأَنْ يَكُونَ فِي طَرِيقِهِ أَوْ مَقْصِدِهِ، وَجَبَ قَصْدُهُ أَيْضًا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَأْدِيَةِ فَرْضِهِ بِالْمَاءِ فِي الْوَقْتِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، فَأَشْبَهَ الْقَرِيبَ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجِبُ قَصْدُهُ وَلَا تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ بَلْ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، لِمَا احْتَجَّ بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّهُ تَيَمَّمَ عَلَى رَأْسِ مِيلٍ أَوْ مِيلَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ فَصَلَّى الْعَصْرَ فَقَدِمَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ فَلَمْ يُعِدِ الصَّلَاةَ ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015