" الْجَهْرِ " أَفْضَلُ بَلْ قِرَاءَتُهَا لَهُ مَكْرُوهَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ مَعَ الْخِلَافِ فِي الْإِجْزَاءِ، (وَتَفْرِيقُ) قِيمَةِ صَدَقَتِهِ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ مَعَ الْخِلَافِ فِي جَوَازِهِ فِي الْأَحْوَالِ الظَّاهِرَةِ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.
وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الْمَأْثُورَةُ فَهِيَ ضَعِيفَةٌ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَالْعَمَلُ بِالضِّعَافِ إِنَّمَا يُشْرَعُ فِي عَمَلٍ قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ (مَشْرُوعٌ) فِي الْجُمْلَةِ، فَإِذَا رُغِّبَ فِيهِ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِهِ لِحَدِيثٍ ضَعِيفٍ، عَمِلَ بِهِ، أَمَّا إِثْبَاتُ سُنَّةٍ فَلَا، ثُمَّ إِنْ صَحَّتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فَإِنَّمَا تُفِيدُ الْجَوَازَ فَقَطْ، إِذْ أَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّ كِلَا الصُّورَتَيْنِ قَدْ صَحَّتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا كَانَ أَقْرَبَ إِلَى الْقَصْدِ فَهُوَ أَفْضَلُ فِي هَذَا الْبَابِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَصَدَ بِذَلِكَ نَفْيَ شَرْعِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمِرْفَقِ، فَإِنَّ الْيَدَ لَمَّا كَانَتْ مُطْلَقَةً وَقَدْ تُوُهِّمَ أَنَّ مَسْحَهَا إِلَى الْإِبِطِ مَشْرُوعٌ، بَيَّنَ أَنَّ أَقْصَى مَا يُمْسَحُ مِنْهَا إِلَى الْمِرْفَقِ وَأَنَّ مَحَلَّ التَّيَمُّمِ لَا يَزِيدُ عَلَى الْوُضُوءِ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ فِي أَوَّلِ مَا شُرِعَ التَّيَمُّمُ، فَفِي حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ " «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ بِأُولَاتِ الْجَيْشِ وَمَعَهُ عَائِشَةُ زَوْجُهُ فَانْقَطَعَ عِقْدٌ لَهَا مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ، فَحُبِسَ النَّاسُ ابْتِغَاءَ عِقْدِهَا ذَلِكَ حَتَّى أَضَاءَ الْفَجْرُ وَلَيْسَ مَعَ النَّاسِ مَاءٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ رُخْصَةَ التَّطْهِيرِ بِالصَّعِيدِ الطَّيِّبِ، فَقَامَ الْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَرَبُوا بِأَيْدِيهِمُ الْأَرْضَ، ثُمَّ رَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ وَلَمْ يَنْفُضُوا مِنَ التُّرَابِ شَيْئًا فَمَسَحُوا وُجُوهَهُمْ وَأَيْدِيَهُمْ إِلَى الْمَنَاكِبِ، وَمِنْ بُطُونِ أَيْدِيهِمْ إِلَى الْآبَاطِ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.