مَسْأَلَةٌ
" وَلَا يَجِبُ نَقْضُ الشَّعْرِ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ إِذَا رَوَّى أُصُولَهُ "
أَمَّا تَرْوِيَةُ أُصُولِ الشَّعْرِ وَإِيصَالُ الْمَاءِ إِلَى بَشَرَتِهِ فَيَجِبُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِهِ وَأَثْنَائِهِ وَالْمُسْتَرْسِلِ مِنْهُ وَمَا ثَبَتَ فِي الْجَسَدِ، سَوَاءٌ كَانَ مَظْفُورًا أَوْ مَجْدُولًا فِي الْمَشْهُورِ مِنَ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: لَا يَجِبُ غَسْلُ الْمُسْتَرْسِلِ مِنْهُ وَشَعْرِ الْجَسَدِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ غَسْلُ مَا لَمْ يَتِمَّ غَسْلُ الْبَشَرَةِ إِلَّا بِهِ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْحَيَوَانِ، وَقِيلَ: إِنَّمَا يَسْقُطُ غَسْلُهُ أَثْنَاءَ الْمُسْتَرْسِلِ إِذَا كَانَ مَظْفُورًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ نَقْضُهُ. وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «فَبُلُّوا الشَّعْرَ» ". وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ؛ وَلِأَنَّهُ إِذَا وَجَبَ غَسْلُ الْبَشَرَةِ الْبَاطِنَةِ فَغَسْلُ الشَّعْرِ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ يَجِبُ تَطْهِيرُهُ مِنَ النَّجَاسَةِ فَكَذَلِكَ مِنَ الْجَنَابَةِ كَغَيْرِهِ، فَعَلَى هَذَا لَا تَنْقُضُهُ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ إِذَا وَصَلَ الْمَاءُ إِلَى أَثْنَائِهِ، وَتَنْقُضُهُ فِي غُسْلِ الْحَيْضِ. قَالَ مُهَنَّا: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنِ الْمَرْأَةِ تَنْقُضُ شَعْرَهَا إِذَا اغْتَسَلَتْ مِنَ الْجَنَابَةِ فَقَالَ: لَا، فَقُلْتُ لَهُ: فِي هَذَا شَيْءٌ، قَالَ: نَعَمْ حَدِيثُ أَمِّ سَلَمَةَ قُلْتُ: تَنْقُضُ شَعْرَهَا مِنَ الْحَيْضِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقُلْتُ لَهُ: وَكَيْفَ تَنْقُضُهُ مِنَ الْحَيْضِ وَلَا تَنْقُضُهُ مِنَ الْجَنَابَةِ؟ فَقَالَ: حَدِيثُ أَسْمَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " تَنْقُضُهُ ".
أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِمَا رَوَى عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ: بَلَغَ عَائِشَةَ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَأْمُرُ النِّسَاءَ إِذَا اغْتَسَلْنَ أَنْ يَنْقُضْنَ رُءُوسَهُنَّ، فَقَالَتْ: يَا عَجَبًا لِابْنِ عُمَرَ، هُوَ يَأْمُرُ النِّسَاءَ إِذَا اغْتَسَلْنَ أَنْ يَنْقُضْنَ رُءُوسَهُنَّ أَوْ يَأْمُرُهُنَّ أَنْ يَحْلِقْنَ رُؤُوسَهُنَّ: