الصِّحَّةِ وَالسَّلَامَةِ لَمْ يُوجِبْ كَدَمِ الِاسْتِحَاضَةِ مَعَ دَمِ الْحَيْضِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ رِوَايَةً ثَانِيَةً لَهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ خَرَجَ بِشَهْوَةٍ أَوْ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ؛ لِلْعُمُومَاتِ فِيهِ، وَأَخَذَهَا مِنْ نَصِّهِ عَلَى أَنَّ مَنْ جَامَعَ ثُمَّ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَنْزَلَ فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ، مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ حَالِهِ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ.
فَصْلٌ
إِذَا احْتَلَمَ وَلَمْ يَرَ الْمَاءَ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ، وَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَرَأَى الْمَاءَ فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ، وَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَرَأَى بَلَلًا لَا يَعْلَمُ مَنِيٌّ هُوَ أَمْ مَذْيٌ، فَإِنْ ذَكَرَ احْتِلَامًا لَزِمَهُ الْغُسْلُ، سَوَاءٌ تَقَدَّمَ نَوْمَهُ بِفِكْرٍ أَوْ مَسِيسٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ هُنَاكَ سَبَبًا قَرِيبًا يُضَافُ الْحُكْمُ إِلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ احْتِلَامًا لَزِمَهُ أَيْضًا الْغُسْلُ، إِلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَهُ بِفِكْرٍ أَوْ نَظَرٍ أَوْ لَمْسٍ، أَوْ تَكُونُ بِهِ إِبْرِدَةٌ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنِيًّا وَأَنْ يَكُونَ مَذْيًا، وَهُوَ طَاهِرٌ بِيَقِينٍ، فَلَا تَزُولُ طَهَارَتُهُ بِالشَّكِّ.
وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَجِدُ الْبَلَلَ وَلَا يَذْكُرُ احْتِلَامًا قَالَ: " يَغْتَسِلُ " وَعَنِ الرَّجُلِ يَرَى أَنْ قَدِ احْتَلَمَ وَلَا يَجِدُ الْبَلَلَ قَالَ: " لَا غُسْلَ عَلَيْهِ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ، وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ؛ وَلِأَنَّ هَذَا الْمَاءَ لَا بُدَّ لِخُرُوجِهِ مِنْ