[مَسْأَلَةٌ مدة المسح لمن مسح مسافرا ثم أقام أو مسح مقيما ثم سافر]

مَسْأَلَةٌ

" وَمَنْ مَسَحَ مُسَافِرًا ثُمَّ أَقَامَ أَوْ مُقِيمًا ثُمَّ سَافَرَ أَتَمَّ مَسْحَ مُقِيمٍ "

أَمَّا إِذَا مَسَحَ بَعْضَ الْمُدَّةِ وَهُوَ مُسَافِرٌ ثُمَّ أَقَامَ أَتَمَّ عَلَى مَسْحِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ مَسَحَهُمَا قَبْلَ إِقَامَتِهِ فَيَخْلَعُ، وَهَذَا بِلَا تَرَدُّدٍ، وَأَمَّا إِذَا مَسَحَ بَعْضَ الْمُدَّةِ مُقِيمًا ثُمَّ سَافَرَ فَفِيهَا رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا: يُتِمُّ مَسْحَ مُسَافِرٍ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ أَبُو بَكْرٍ؛ لِأَنَّهُ سَافَرَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَحْدَثَ، وَلَوْ لَمْ يَمْسَحْ حَتَّى سَافَرَ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ تَمَامَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ وَإِنْ كَانَ ابْتَدَأَهُنَّ مِنْ حِينِ الْحَدَثِ الْمَوْجُودِ فِي الْحَضَرِ؛ وَلِأَنَّ الْمَسْحَاتِ عِبَادَاتٌ لَا يَرْتَبِطُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وَلَا يَفْسُدُ أَوَّلُهَا بِفَسَادِ آخِرِهَا، فَاعْتُبِرَ كُلُّ مَسْحٍ بِالْحَالِ الْحَاضِرَةِ كَالصَّلَوَاتِ وَالصِّيَامِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ، وَالْأُخْرَى يُتِمُّ مَسْحَ مُقِيمٍ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي وَأَكْثَرِ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ عِبَادَةٌ يَخْتَلِفُ قَدْرُهَا بِالْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَإِذَا وُجِدَ أَحَدُ طَرَفَيْهَا فِي الْحَضَرِ غَلَبَ حُكْمُهُ كَالصَّلَاةِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَسْحَاتِ وَإِنَّ كُنَّ عِبَادَاتٍ لَا يَرْتَبِطُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ لَكِنَّ وَقْتَهَا وَقْتٌ وَاحِدٌ بَعْضُهُ مُرْتَبِطٌ بِبَعْضٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ بِنَاءِ أَحَدِ طَرَفَيْهِ عَلَى الْآخَرِ فَإِذَا وَقَعَ بَعْضُ الْمُدَّةِ فِي الْحَضَرِ وَجَوَّزْنَا أَنْ يُتِمَّ مَسْحَ ثَلَاثٍ لَكَانَ قَدْ وَقَعَ مَسْحُ الثَّلَاثِ فِي الْإِقَامَةِ وَالسَّفَرِ وَهُوَ خِلَافُ الْحَدِيثِ، وَهَذَا أَشْبَهَ بِالصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ مِنَ الصَّلَوَاتِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ لَا يَرْتَبِطُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ فِي الْوَقْتِ وَلَا فِي الْفِعْلِ وَلَوْ جُعِلَتْ كَالْعِبَادَاتِ لَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يُعْطَى كُلٌّ بِحِسَابِهِ، فَإِذَا مَسَحَ ثُلُثَ يَوْمٍ فِي الْحَضَرِ فَقَدْ مَسَحَ ثُلُثَ مُدَّتِهِ فَيَمْسَحُ فِي السَّفَرِ ثُلُثَيْ مُدَّتِهِ وَهِيَ يَوْمَانِ وَلَيْلَتَانِ، وَهَذَا مَعَ أَنَّهُ لَا يُقَالُ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْعِبَادَاتِ وَأَوْقَاتِهَا الْمُتَعَلِّقَةِ بِالسَّفَرِ وَالْحَضَرِ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِأَحَدِهِمَا لَا بِهِمَا؛ وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى جَعْلِ مُدَّةٍ ثَالِثَةٍ غَيْرَ الْوَاحِدِ وَالثَّلَاثَةِ وَهُوَ خِلَافُ السُّنَّةِ، وَأَمَّا إِذَا أَحْدَثَ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015