الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، وَقِيلَ: لَا يُجْزِئُ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ فَلَا يُسْتَبَاحُ بِمَعْصِيَةٍ كَالْقَصْرِ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ، وَصَلَاةِ الْخَوْفِ فِي الْقِتَالِ الْمُحَرَّمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُ هَذَا فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَغْصُوبِ وَلَوْ لَبِسَ جِلْدًا نَجِسًا لِحَاجَةٍ كَبِلَادِ الثَّلْجِ الَّتِي يَخْشَى فِيهَا مِنْ سُقُوطِ أَصَابِعِهِ بِخَلْعِهِ أَجْزَأَهُ مَسْحُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ.
لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ، وَإِنْ تَنَجَّسَ الْمَاءُ بِالْمُلَاقَاةِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ كَمَا لَا يَمْنَعُ تَنَجُّسُهُ عَلَى بَدَنِ الْجُنُبِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَلَا يُجْزِئُهُ فِي الْآخَرِ، وَهُوَ أَقْوَى؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِخَلْعِهِ فِي الْأَصْلِ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ لُبْسُهُ هُنَا لِلضَّرُورَةِ فَأَشْبَهَ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ خَلْعَ الْخُفِّ الطَّاهِرِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، فَإِنَّ هَذِهِ حَالَةٌ نَادِرَةٌ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ فَرْضِهِ الْغَسْلَ، وَقَدْ عَجَزَ عَنْهُ لِقُرُوحٍ أَوْ بَرْدٍ فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي وَلَوْ كَانَ بِقَدَمِهِ أَوْ بِبَاطِنِ خُفِّهِ نَجَاسَةٌ لَا تُزَالُ إِلَّا بِنَزْعِهِ فَقَدْ قِيلَ هُوَ كَالْوُضُوءِ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُمْكِنُ مَعَ هَذِهِ الطَّهَارَةِ غَالِبًا إِلَّا بِنَقْضِهَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَصِحُّ لِطَهَارَتِهِ، وَيَسْتَفِيدُ بِذَلِكَ مَسَّ الْمُصْحَفِ وَالصَّلَاةَ إِنْ عَجَزَ عَنْ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ كَمَا لَوْ تَوَضَّأَ وَعَلَى فَرْجِهِ نَجَاسَةٌ مِنْ غَيْرِهِ بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ الْخَارِجَةِ، فَإِنَّهَا لَمَّا أَوْجَبَتْ طَهَارَتَيْنِ جُعِلَتْ إِحْدَاهُمَا تَابِعَةً لِلْأُخْرَى.
وَمَنْ كَانَ لَابِسًا خُفًّا فَالْمَسْحُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ يَخْلَعَهُ وَيَغْسِلَ فِي أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا كَانَ عَادَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ أَنَّهُ خَلَعَ وَغَسَلَ؛ وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ رَدًّا لِلرُّخْصَةِ وَتَشَبُّهًا لِأَهْلِ الْبِدَعِ فَيَكُونُ مَفْضُولًا.
وَالثَّانِيَةُ: الْمَسْحُ وَالْغَسْلُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ، وَأَمَّا