رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: («اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ بَعْدَ مَا أَتَتْ عَلَيْهِ ثَمَانُونَ سَنَةً وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ») مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ قِيلَ: ضَمَّنَ مِلَّتَهُ سَائِرَ خِصَالِ الْفِطْرَةِ وَهِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَرَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي نَسَقٍ وَاحِدٍ، قُلْنَا: إِزَالَةُ الشُّعُورِ وَالْأَظْفَارِ الْقَصْدُ بِهَا إِزَالَةُ مَا يَجْتَمِعُ بِسَبَبِهَا مِنَ الْعَرَقِ وَالْوَسَخِ وَالدَّرَنِ، وَإِزَالَةُ الْأَوْسَاخِ لَيْسَتْ وَاجِبَةً وَكَذَلِكَ مَا قُصِدَتْ بِهِ.
وَأَمَّا قُلْفَةُ الذَّكَرِ فَالْمَقْصُودُ بِقَطْعِهَا التَّطْهِيرُ مِنَ النَّجَاسَةِ الَّتِي تَحْتَقِنُ فِيهَا، وَنَجَاسَةُ الْبَوْلِ تَجِبُ إِزَالَتُهَا وَعَامَّةُ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهَا، فَلِذَلِكَ وَجَبَ إِزَالَةُ مَا يُوجِبُ احْتِقَانَهَا وَاجْتِمَاعَهَا، يُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَقْطُوعَ هُنَا مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ، وَكَذَلِكَ يُحْشَرُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرْلًا، فَلَوْلَا أَنَّ إِزَالَتَهَا مِنَ الْوَاجِبَاتِ لَمَا تَكَلَّفَ قَطْعَهُ بِخِلَافِ الشَّعْرِ وَالظُّفُرِ؛ وَلِأَنَّ الْبَوْلَ الْمُحْتَقِنَ فِي الْقُلْفَةِ نَجَاسَةٌ شُرِعَ زَوَالُهَا، فَكَانَ وَاجِبًا كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ.
وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " الْأَقْلَفُ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً وَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ " وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَفِيهَا رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهُمَا: أَنَّ خَفْضَهَا