كَانَ يُقْبِلُ بِوَاحِدٍ وَيُدْبِرُ بِآخَرَ وَيُحَلِّقُ بِالثَّالِثِ " فَإِنْ مَسَحَ عَلَى كُلِّ جِهَةٍ مَسْحَةً فَوَجْهَانِ.
فَصْلٌ:
السُّنَّةُ أَنْ يَسْتَنْجِيَ قَبْلَ الْوُضُوءِ فَإِنْ أَخَّرَهُ إِلَى بَعْدِهِ أَجْزَأَهُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا نَجَاسَةٌ فَصَحَّ الْوُضُوءُ قَبْلَ إِزَالَتِهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ عَلَى الْبَدَنِ؛ فَعَلَى هَذَا إِذَا تَوَضَّأَ اسْتَفَادَ بِذَلِكَ مَسَّ الْمُصْحَفِ وَلُبْسَ الْخُفَّيْنِ، وَيَسْتَمِرُّ وُضُوؤُهُ إِذَا لَمْ يَمَسَّ فَرْجَهُ.
وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى لَا يَصِحُّ وُضُوؤُهُ وَهِيَ أَشْهَرُ؛ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ الْمَذْيِ " «يَغْسِلُ ذَكَرَهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ» " رَوَاهُ النَّسَائِيُّ؛ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَتَوَضَّئُونَ إِلَّا بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ، وَفِعْلُهُ إِذَا خَرَجَ امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ ذَلِكَ الْأَمْرِ؛ وَلِأَنَّهُمَا مَحَلَّانِ وَجَبَ غَسْلُهُمَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ فِي بَدَنٍ وَاحِدٍ، فَكَانَ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا مَشْرُوعًا كَمَحَالِّ " الْوُضُوءِ " فَأَمَّا التَّيَمُّمُ فَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ هُوَ كَالْوُضُوءِ وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يُجْزِئُهُ وَإِنْ قُلْنَا يُجْزِئُ الْوُضُوءُ